صورة تحكي ألف كلمة
مع إغلاق المدارس السودانية في مصر ووقف أنشطتها، يتجدد الحديث حول المناهج التعليمية في السودان، والتي تتضمن إهانة صريحة للمصريين، خاصة النساء المصريات. الصورة الملتقطة من كتاب التاريخ السوداني تظهر المصريين وكأنهم جواري يُباعون ويُشترون، بينما يتم تمجيد النساء السودانيات. هذه الصورة تستدعي وقفة جادة لفهم الخلفيات والأسباب التي دفعت لوضع هذه الإهانة في المناهج الدراسية السودانية.
خلفية تاريخية: حقائق مغلوطة
لفهم الصورة ومعناها، علينا مراجعة بعض المعلومات التاريخية. في سنة 744 قبل الميلاد، تعرضت مصر لغزو من دولة كوش التي كانت موجودة في وسط وشمال السودان. بعد الغزو، أسسوا الأسرة الخامسة والعشرين، والتي سُميت بـ”الفراعنة السود” نظراً لأصولهم السودانية. هذا الفصل التاريخي يتم استغلاله في المناهج السودانية لتشويه الحقائق وتقديم صورة مغلوطة عن العلاقات التاريخية بين مصر والسودان.
مؤسس الأسرة الخامسة والعشرين: قصة تمرد
مؤسس الأسرة الخامسة والعشرين كان في الواقع كاهناً مصرياً يدعى “بي-عنخ”، هرب من معبده في طيبة (الأقصر) إلى كوش بعدما تمرد على ملك مصر. مجتمع كوش كان صغيراً ومختلطاً بين شعوب نيلية بدائية ومهاجرين مصريين نشروا الحضارة والتمدن هناك. هذا التمرد والتحالف بين المصريين والكوشيين تم تحويره في المناهج السودانية ليبدو وكأن الكوشيين هم الأصل في تأسيس الحضارة المصرية، وهو ادعاء يفتقر إلى الدقة التاريخية.
المغالطات السودانية في المناهج الدراسية
على الرغم من الأصول المصرية للأسرة الخامسة والعشرين، يدّعي السودانيون حكومةً وشعباً أنهم أحفاد الكوشيين، ويدرسون ذلك في مناهجهم الدراسية. بالإضافة إلى ذلك، يروجون لفكرة أن كوش هي أصل الحضارة المصرية، وهو ما ينافي الحقائق التاريخية القائمة على الأدلة المادية. هذه الادعاءات تزرع في عقول الأطفال السودانيين أفكاراً مغلوطة تؤدي إلى شعور بالعداء تجاه المصريين.
الصورة المسيئة: رمزية مشوهة
الصورة الملتقطة من كتاب التاريخ السوداني تظهر مصرياً ساجداً لملك كوش “بي-عنخ” الذي يغزو مصر ويقدم له نساء مصر كهدايا. هذه الصورة تعد إهانة كبيرة للمصريين، وتعتمد على خرافات وليس على الحقائق التاريخية. يتم تصوير المصريين كعبيد ونساءهم كجواري، بينما يتم تمجيد الكوشيين كملوك وحكام. هذا النوع من التصوير يشوه التاريخ ويزرع الكراهية بين الشعبين.
الإهانة المتكررة للمصريين
هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها المصريون لإهانة من السودانيين، الذين يكررون عبارات مثل “مصر هي سبب خرابنا” أو “نحن أصل الحضارة المصرية”. ورغم استضافة مصر للملايين منهم، يستمر السودانيون في التقليل من قيمة المصريين ورفع خريطة بلادهم بجزء من أرض مصر. هذه التصرفات تعكس شعوراً بالعداء والحقد تجاه المصريين، وتحتاج إلى معالجة جذرية لتعزيز العلاقات الطيبة بين الشعبين.
الأدلة العلمية ترد على المغالطات
الدراسات الجينية الحديثة فندت مزاعم السودانيين. دراسة جينية أجريت على هياكل كوشية في السودان أظهرت وجود عنصر جيني مصري بنسبة تتراوح بين 65% و80%. بالمقابل، تركيبة جينات سكان السودان الحاليين أظهرت عناصر متنوعة، مما يثبت عدم علاقة الكوشيين بسكان السودان المعاصرين. هذه الأدلة العلمية تؤكد أن الادعاءات السودانية ليس لها أساس من الصحة، وأن الحضارة المصرية لها أصولها المستقلة التي لا تتعلق بكوش.
تعزيز الوعي القومي المصري
ما يتم الترويج له في المناهج السودانية لا يدل إلا على كره شديد للمصريين ودولتهم. هذه التصرفات تستوجب وقفة جادة من الحكومة المصرية والمجتمع المصري للدفاع عن هويتهم وحضارتهم. يجب تعزيز الوعي القومي المصري من خلال التعليم والإعلام والثقافة، والرد على هذه الادعاءات بالأدلة العلمية والتاريخية. كما يجب تعزيز العلاقات الطيبة بين الشعبين من خلال الحوار والتعاون في مجالات مختلفة.
ماذا سيكون الرد المناسب لمصر على هذه الإهانات المتكررة؟
يجب أن يكون الرد المصري على هذه الإهانات مدروساً ومتزناً، بحيث يتم التركيز على توضيح الحقائق التاريخية والعلمية بدون الانجراف إلى خطاب الكراهية. يمكن تنظيم ندوات ومؤتمرات لتوضيح التاريخ الحقيقي للعلاقات بين مصر والسودان، ودحض الادعاءات المغلوطة التي يتم ترويجها في المناهج السودانية.
تعزيز العلاقات الثقافية والتعليمية بين مصر والسودان
بالإضافة إلى الرد على الإهانات، يمكن لمصر أن تعمل على تعزيز العلاقات الثقافية والتعليمية مع السودان. يمكن تنظيم برامج تبادل طلابي وأكاديمي لتعزيز الفهم المتبادل بين الشعبين، وتقديم منح دراسية للطلاب السودانيين للدراسة في مصر.
كيفية تعزيز الوعي القومي المصري في مواجهة هذه التحديات؟
تعزيز الوعي القومي المصري يتطلب جهداً مجتمعياً شاملاً، يشمل التعليم والإعلام والثقافة. يجب تضمين مناهج تعليمية توضح الحقائق التاريخية والعلمية بشكل مبسط وشيق، وتوعية الشباب بأهمية الهوية الوطنية المصرية. كما يجب استخدام الإعلام بذكاء لنشر الوعي وتعزيز القيم الوطنية، مع التركيز على الوحدة والتعاون بدلاً من الكراهية والانقسام.
في الختام، هذه الإهانات والمغالطات التاريخية يجب أن تكون دافعاً لتعزيز الهوية الوطنية المصرية والدفاع عن الحقائق التاريخية، مع الحفاظ على روح الأخوة والتعاون مع الشعب السوداني.