الصباح الباكر في الميدان
في صباح يوم 30 يونيو، خرجت من الميدان متوجهًا إلى عملي بشارع 26 يوليو. قمت بتغيير ملابسي، وارتديت قميصًا يحمل علم مصر، مكتوبًا عليه “انزل رجع مصر أم الدنيا قبل ما يحكمك عاصم عبد الماجد والزمر”. كنت أعلم أن هناك أبطالاً من رجال الشرطة قد أقسموا بصفتهم الشخصية، وبعيدًا عن تعليمات الداخلية، على حماية إخوتهم في الميدان من أي متطرف إخواني يحاول اختراق الميدان.
العودة إلى الميدان
عند الساعة الواحدة ظهرًا، عدت إلى الميدان وكنت أمام المنصة. كنا نشكل سلاسل بشرية لحماية عظيمات مصر. ارتفع صوت الميدان بأغنية “يا حبيبتي يا مصر” للفنانة شادية، التي ألهبت حماس الثوار، تلتها أغنية محمد قنديل “أجدع بلد بلدي، أشجع ولد ولدي”. كان صوت الأعلام المصرية يرفرف في تناغم مع أبطال الميدان عند سماع اسم مصر.
لحظات الفخر والعزة
ولا ننسى أغنية العندليب عبد الحليم حافظ “بكل حبّي والحياة لبلدي، بكل بسمة فوق شفايف بلدي، بكل شوق الفجر وشروقه”. وكانت للفنانة كوكب الشرق أم كلثوم أغنية رائعة “أنا الشعب لا أعرف المستحيل”. في الساعة الواحدة والنصف، دخل مجموعة من شباب ضباط الشرطة المصريين يحملون أحد زملائهم على الأعناق، معلنين انضمامهم وتلاحمهم مع الشعب المصري.
تحية الشعب المصري
عند الساعة الثانية، صعد أحد رجال الشرطة على المنصة وأدى التحية للشعب المصري وسط الميدان، قائلاً: “التحية لكم والعزة والفخر لمصر، تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر”. رد الثوار في الميدان بهتافات “تحيا مصر”.
طلعات جوية ورسائل طمأنة
في الساعة الثانية والنصف ظهرًا أو الثالثة عصرًا، قامت القوات الجوية بطلعات جوية فوق الميدان، كرسالة طمأنة من جيش الشعب المصري بأنهم مع الشعب لحماية الوطن وسلامة أراضيه. تردد الثوار في الميدان هتافات مثل “انزل يا سيسي، مرسي مش رئيسي، الشعب يريد إعدام الإخوان، محمد مرسي باطل، محمد بديع باطل، خيرت الشاطر باطل، البلتاجي باطل، يسقط يسقط حكم المرشد”. وكان هناك صور لأوباما مكتوب عليها “الإرهابي”.
انضمام اللواء أحمد جمال الدين
عند الساعة الثالثة والنصف، انفجر الميدان بالصيحات والترحيب لانضمام اللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية، إلى الثوار في الميدان. كان رفضه فض الاعتصام بالقوة ورفضه تعليمات مرسي محل تقدير الجميع. انطلقت مظاهرات ومسيرات من شوارع مصر لمساندة أبناء الشعب المصري.
رسائل الجيش
قامت القوات الجوية بإلقاء الأعلام المصرية فوق الميدان كرسالة دعم للشعب المصري. كان بعض المصريين يسجدون شكرًا لله ويدعون لجيش الشعب المصري وسط الميدان. أرسلت رسالة إلى اللواء محمود يسري، مدير أمن القليوبية، ورسالة أخرى للمستشار العسكري الجنرال محمد حجازي، معبرة عن ما يحدث في الميدان.
لقاء مع الأصدقاء
بينما كنت أتجول بين الكاميرات في الميدان، قلت “الإخوان ليس لهم وطن ولا ينتمون إلى مصر، بل ينتمون إلى تنظيم إرهابي عالمي”. في الساعة السادسة، قابلت أخي وصديقي الأستاذ سويلم حسان، وسألني: “أين أنت يا أستاذ صلاح؟ نحن نعمل لجنة على الطريق السريع في سنديون مصر إسكندرية الزراعي، ونفتش السيارات من أي واحد مربي لحيته يدخل القاهرة”. ضحكت وقلت: “ربنا يقويكم، أنا في ميدان التحرير أمام المنصة”.
هتافات الثوار
كان الثوار يهتفون “يسقط يسقط حكم المرشد، الشعب يريد إسقاط الإخوان”. وفي نهاية اليوم، صدر بيان المشير عبد الفتاح السيسي بتعطيل الدستور، مما أثلج صدور كل المصريين ووضع خارطة الطريق.
رفض دخول أيمن نور ونادر السيد
رفض الشعب دخول أيمن نور ونادر السيد إلى الميدان. في صباح اليوم التالي، رأينا كمال الهلباوي المنافق، وأحمد حسن نجم منتخب مصر وبعض اللاعبين. فجأة، قابلت الأستاذ سامي شرف، مدير مكتب الزعيم جمال عبد الناصر، ودار بيننا حديث حتى دمعت عيناه، وشكرنا وابتسمت له وقلت: “تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر”.
لم نغادر الميدان
لم نغادر الميدان من 1/7 حتى 5/7. ومازالت كلمات الأستاذ حمدي رزق، والأستاذ محمد سلماوي، ومحمد علي خير، والأستاذة فريدة الشوباشي، ومجموعة من الوطنيين، تجمعنا، وقالوا: “لن نترك الميدان حتى نرى النور يشرق على مصر”.
خاتمة
كان يوم 30 يونيو يومًا جميلاً، جزءًا من تاريخ الوطن، يومًا من عمري لن أنساه أبدًا. تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر.
صلاح حسب الله
أحد المهتمين بدراسة المجتمع المدني