هنا عاش أحمد مظهر، فارس السينما المصرية
العنوان: ٢٥ أ شارع البطل أحمد عبد العزيز – الدقي – الجيزة
في قلب حي الدقي، حيث تلتقي الأزمنة وتتشابك الذكريات، كان هناك منزل يحمل في داخله روح رجل استثنائي، أحمد مظهر. فارس السينما المصرية، الذي عاش حياةً مليئة بالتجارب والإبداع، ليكون شاهداً على تحول الفن والحياة.
ولد أحمد حافظ مظهر في 8 أكتوبر 1917 بحي العباسية في القاهرة، لينطلق في مسيرة حياة استثنائية، مليئة بالتحديات والإنجازات. تخرج من الكلية الحربية عام 1938، زامل الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات، وكان مزيجاً نادراً بين الفن والفروسية، يجمع بين عشق ركوب الخيل والملاكمة وزراعة النباتات النادرة في حديقة منزله.
بين الفروسية والفن
أحمد مظهر كان رجلاً وطنياً بحق، شارك في حرب فلسطين عام 1948، وتدرج في الرتب العسكرية حتى تولى قيادة مدرسة الفروسية. لكن الفن كان قدره، إذ اكتشفه المخرج إبراهيم عز في فيلم “ظهور الإسلام” عام 1951. ومن هنا بدأت رحلته الفنية الحقيقية.
عام 1957، رشحه الأديب يوسف السباعي لتجسيد شخصية “البرنس علاء” في فيلم “رد قلبي”، لتكون هذه الفرصة بوابة انطلاقه نحو عالم الفن. حتى أن الرئيس جمال عبد الناصر نصحه بترك وظيفته العسكرية والتفرغ للفن، في إشارة إلى التأثير العميق الذي تركه مظهر على من حوله.
أحمد مظهر وشلة الحرافيش
كان مظهر يؤمن بأهمية الأصدقاء في الحياة، وكانت سعادته في الجلوس مع “شلة الحرافيش” التي ضمت عمالقة الأدب والصحافة مثل نجيب محفوظ ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس. هذه الصداقات كانت ملاذه في الأوقات الصعبة، مثل تلك اللحظة المأساوية عندما قتل ابنه “شهاب” صديق عمره بطريق الخطأ برصاصة طائشة.
أدوار أحمد مظهر
قدّم أحمد مظهر أدواراً أثرت في الوعي الجمعي العربي ورسخت قيماً نبيلة. من أبرز أعماله “الناصر صلاح الدين”، “دعاء الكروان”، “العتبة الخضراء”، و”لصوص لكن ظرفاء”. كانت هذه الأفلام تجسيداً لموهبته الفريدة وحضوره الطاغي، مما جعله نجمًا يتصدر أفيشات دور السينما.
كيف كان يرى أحمد مظهر أعماله؟
في أحد لقاءاته النادرة عبر برنامج «سواريه»، تحدث أحمد مظهر عن رحلته الفنية، مؤكداً أنه لم يندم على أي من أدواره، معتبراً أن لكل ممثل ميزته الخاصة. جسّد شخصيات متنوعة بإتقان، مثل دور “العطشجي” في فيلم «لوعة الحب» ودور جاد في فيلم «الجريمة الضاحكة».
سر رفض أحمد مظهر «لصوص لكن ظرفاء» مرتين قبل تقديمها
رفض أحمد مظهر فيلم «لصوص لكن ظرفاء» مرتين قبل أن يقبل به، بسبب طبيعته الكوميدية وإنتاجه الخاص. ولكن بعد إعادة عرضه عليه ولقائه بالمخرج إبراهيم لطفي، وافق مظهر على الفيلم، قائلاً: “لكنه ضحك عليا وقال إنها رواية ووافقت”. وعلى الرغم من ذلك، لم يندم على تقديم هذا العمل، بل كان سعيدًا بمشاهدته لاحقاً.
نهاية الرحلة
رحل أحمد مظهر في 8 مايو 2002 عن عمر ناهز 84 عامًا إثر التهاب رئوي حاد. كانت جنازته مهيبة، شيعت من مسجد عمر مكرم بميدان التحرير، ودفن في مقابر باب الوزير قرب قلعة صلاح الدين الأيوبي. غاب الجسد، لكن إرثه الفني والإنساني سيظل خالداً في ذاكرة السينما المصرية والعربية.