من كلمات طيب الذكر ” صلاح جاهين ” ، ولحن العظيم ” رياض السنباطى ” ، تغنت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم ” ثوار .. ثوار ” ، ومطلعها يقول :
ثوار ثوار ولاخر مدى ثوار
مطرح ما نمشي يفتح النوار
ننهض فى كل صباح بحلم جديد
ثوار نعيدك يا انتصار ونزيد
وطول ما ايد شعب العرب بالايد
الثورة قايمة والكفاح دوار..
معبرة الكلمات ، ننهض فى كل صباح بحلم جديد/
ثوار نعيدك يا انتصار ونزيد .. ننهض بحلم ، وننام على أمل ، لا ينطفىء لنا حلم ولا يؤد أمل ، وعيش بالأمل..
**
لم تحاصر ثورة شعبية تاريخيا مثلنا تحاصر ثورة ( ٣٠ يونيو ) ، وطوال عشر سنوات عجاف مضت فى نضالات لاثبات الحق المصرى فى العيش والحرية والكرامة الانسانية ، من حقنا نعيش كما تعيش الشعوب والدول التى ثارت وفاضت ثورتها تروى الوديان ، تخصب أرضها وتطرح ثمرها لرفاهية شعوبها .
أنظر إلى الخريطة المصرية الآن والحصار مضروب ، والحدود ساخنة ، والمؤامرات من كل حدب وصوب ، تحيلك من فورك إلى حصار ( ثورة يوليو ) مباشرة ، أنظر إلى وجه ” جمل الحمول ” الرئيس عبد الفتاح السيسى ، وكأنك تنظر لوجه خالد الذكر جمال عبد الناصر ، كلاهما حمل الأمانة التاريخية يستحقا وصفا شعبيا ” حمال الأسية ” .
معلوم القوى الغربية لا تطيق مصر حاضرة ، وتتحسب لمصر عبد الناصر فى صورة مصر السيسى ، فبعد كل ثورة عظيمة يهب المارد المصرى عملاقا ، يعيد رسم الخرائط ، ويلجم القوى الموهومة ، ويقلم الاظافر الناشبة فى الجسد العربى ، ويكسر الذراع التى طالت ، ويقطع الألسنة التى تطول .. فاذا قامت قيامته ، هذا ما يخشونه .
الذكرى تنفع المؤمنين بحق الشعب المصرى فى الحياة تحت قيادة اختارها وخرج ينادى عليها ، وحملها الامانة ، ولكن المرجفين فى المدينة يتبارون فى احصاء اخطاء ثورة يوليو فى تلسين سياسى وتلقيح جتت على ثورة يونيو على صدى ثورة يوليو ، وهم غارقون حتى اذانهم فى الخطيئة الوطنية.
اشتقاقا من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ، بلاغة الرسول الكريم تعيننا على توصيف الحالة التى بات عليها هؤلاء ، فيما معناه ، نعم سيخرج في ظهرانينا قوم ” أحداث الأسنان ” ، سفهاء الأحلام ، يقرءون كتاب الوطن لا يجاوز حناجرهم ، ويمرقون من الواجب الوطنى كما يمرق السهم من الرمية .
أحداث الأسنان يتساءلون فى جنون ، مابال أقوام يتذكرون ثورة جاوزت السبعين ربيعا ؟!
لا نجيب الا بكتابة وطنية ، ونكتب مجدداً، والرفاق فى موعد مضروب من كل عام عن ثورة لم نرها، وعن زعيم لم نراه ، لايعرف الفضل لا اهل الفضل الا ذوو فضل ، وكان فضل يوليو على جيلنا واجيال سبقت واجيال لم تولد بعد .. فضلا عظيما ، وعذرنا أن فى وجهنا نظر، والأعمى ليس أعمى البصر هو أعمى القلب والنظر .
نكتب ونتذكر ثورة يوليو ليس حنيناً ” نستولوجياً ” إلى ماضٍ تولى ، مضى عليه سبعين عاما ويزيد، لكن لأن آثارها باقية مستدامة ، كالشامة الحسنة فى الوجه الحسن، تنيره.
لماذا نكتب ، ومن غير ناصر وثورته يستحق الكتابة، والثورة الأم خليقة بالذكرى العطرة، والأعلام مرفوعة فى الميادين تنادى على الزعيم ، و تهتف بسماها وبترابها، والشعارات تصدح بالمعانى التى جسدتها ثورة الأجداد، وأحفاد مخلصين للمعنى الكامن فى ثورة الفقراء، وصوت عبد الحليم يدوى “ناصر يا حرية، ناصر يا وطنية، يا حرية يا وطنية يا روح الأمة العربية.
نكتب لأننا رأيناها حلماً فى عيون الآباء، وسمعنا الحكى من افواه الأجداد، وتجسدت فينا ( فقراء لكن شرفاء مخلصين للعلم والنشيد ) ، هذا ضابط يحمى الحدود ، وهذا طبيب يداوى الجراح ، وهذا مهندس يفوت على الصحراء تخضر .
نكتب داعين للسيسى بالفلاح فى تجسيد مقررات ثورة يوليو على الارض رغم الحصار ، مترحمين على عبد الناصر الذى هدته الخطوب ، فلم يكمل البناء ، ولو عاد بنا الزمان لخرست أفواه صارت تمضع لبانة ” علكة ” وتتشدق بها ، وتعمد إلى إعادة عجلة الزمن إلى الوراء، تبعية واستعمار.
طالما فى مصر اجيال شبت على ثورة عنوانها ارفع راسك يا اخى ، وطالما تنبت الأرض الطيبة رجال من عينة السيسى محال ننسى ناصر وثورة الضباط الأحرار، وثوار أحرار هنكمل المشوار.
نكتب لايقاظ الوعي ، لانتعب ولا نكل ولانمل ، لأن ” إخوان الشيطان ” الذين يلعنون ناصر وثورة الشعب المصرى فى كل كتاب من كتبهم القذرة ، هم اعداء السيسى وثورة الشعب المصرى ، والغريب انهم تمثلوا شعار ثورة المصريون زورا وزيفا وبهتانا ، تخيل يامؤمن الاخوان يهتفون فى منافيهم البعيدة : “ثوار أحرار هنكمل المشوار”.. وهم عبيد المرشد ويكرهون ناصر كراهية التحريم، ألف رحمة ونور على نور العيون جمال عبد الناصر.. يا جمال يا مثال الوطنية ، يوليو أجمل أعيادنا المصرية .
نكتب ومثلى من يقفون على ارض هذا الثورة مرفوعى الراس ، وبهدى من زعيمها الذى حمل للمصريين ما اشتاقت اليه النفوس وتاقت اليه الأرواح واستشرفته العقول وتمنته الأنفس ، حمل الينا البشارة فى ثورة جبارة ، الاستقلال من ربقة الاستعمار البغيض ، والمساواة .
ناصر انتمى الى الفقراء وتحلق من حول ثورته الفقراء ، وذهب الى الجلابيب الزرق فى حقولها ، وأحتضن العمال فى عنابرهم ، وقسم اللقمة مغموسة بعرق النضال مع المناضلين فى الفالوجا ، وشرب من قلة العطشان ، وأفترش الارض الطيبة ، كان استثنائيا بين العاديين .
ذكرى ثورة يوليو المجيدة التى نعيشها أياما متصلة ونضالات فى حلقات ومعارك بلا انقطاع منذ ثورة يونيو العظيمة ، ونور ونار ، ثورة وطن ، ثورة أمة ، ما أتاه ناصر فى هذه الثورة وهو فرد فى ضباط شباب أحرار ثوار من ابناء هذا الشعب ، تكالبت عليه أمم واستخبارات وأنفقت عليه أموال من لايخشى الفقر ، فقط لإجهاض ثورة شعب !!
من حكموا مصر قبل ناصر بنوا قصورا لحاشيتهم وماشيتهم ، لم يبنوا بيوتا للفقراء كالتى بناها ويبنيها السيسى فى الاسمرات ، وتشهد بعصره ، ولكنهم تفرغوا لهدم مابناه ، فزالت دولتهم ، وبقت دولة مصر .
وصار المثال حيا اذا اردت محبة المصريين كن ناصرا ، واذا كنت ناصرا عليك بحب المصريين ، وحب المصريين جائزة كبرى لمن يستحقها ، ومن استحقها يعمر طويلا فى قلب الوطن ، لايغادره أبدا.
لماذا يوليو ، سؤال اللئيم ، قامت قيامة يوليو فى 1952 رحل ناصر فى سبتمبر 1970 ، هل مر يوم على المصريين دون ذكر ناصر وثورته ، رحل ناصر وجاء من بعده خلق كثير ، هل غاب الثورة هل انطفا نجم ناصر ، تغيرت خرائط وتبدلت طرائق وتمحورت محاور واندلعت حروب ووقعت معاهدات ورفعت رايات فى الميادين ، هل سقطت راية ناصر ، هل غابت صورة عبد الناصر ، هل حاد الرهط عن طريق ناصر ، كلما حادوا حدثهم ناصر من قبره ، مالكم ، مايلبثوا ساعة الا وعادوا الى سيرة ناصر ، يتغنون جميعا باحلف بسماها وبترابها .
لان ثورة يوليو جاءت ميلاد حقيقيا من رحم المعاناة ، كما انبثقت يونيو من رحم الازمة ، ويوليو مثل يونيو كثيفة العنواين وماتلاها من انتصارات وانكسارات ، يوليو مثل يونيو ، ويونيو ابنة يوليو ، كلاهما نقلة فى تاريخ أمة ، طريق خطته أمة ، طريق طويل كتب علينا كمصريين ومن كتبت عليه خطى مشاها .
ثورة يوليو فتحت الطريق بطاقة دفع جبارة ، لاتزال تدفع الوطن نحو العزة والكرامة ، يوليو سكنت الضمير الوطني ، ضمير المصريين ، والضمير الجمعى لايكذب ، والأجيال التى خرجت الى الميادين فى ثورة يونيو لم تجد اسما تتغنى بخصاله سوى ناصر ، ولم ترفع سوى صور ناصر إلا مقرونة بالسيسي ، ولم تنادى على السيسي الا على وقع صوت عبد الناصر ، وما رفعت شعارات سوى شعارات ثورة يوليو ، ارفع راسك فوق انت مصرى ، أليس هذا شعار ثورة يولية قال به عبد الناصر ، ارفع راسك يا آخى .
٧١ عاما مضت على ثورة يوليو ناصر ، مر بنا رؤساء وحكومات ، هل تبقى فى الذاكرة وطنيا سوى ناصر ، من يرى السيسى يتذكر ناصر ، الاخلاص فى حب الناس ، يوليو كانت الترجمة الأمينة لكل نضالات الوطن ، ناصر نفسه كان تجسيدا لكل رجالات هذا الوطن ، فيه أفكار محمد عبده ، وثورية سعد زغلول ، ونضالات عرابى ، وتشوف مصطفى كامل ، امتص الرحيق ، واخرج للوطن ومن الوطن اجمل مافيه ، والوطن جميل وناصر جميل ، وتألق ناصر وتألق الوطن ، وتألقت الامة من وراء الزعيم والوطن العظيم ، وصار الزعيم فى وطن والوطن فى أمة والأمة تباهى ، والعالم ينظر الى هامة مصر فى الشرق ترتفع ، وما تعودوا من الشرق الا انكسار الحلم فى دوح الوطن ! .
يؤرخ لمصر ماقبل يوليو وما بعد يوليو ، وكانت يوليو مفرق التاريخ المصرى ، ويونيو ان شاء الله تكمل المسيرة ، يوليو تقف شاهقة شاهدة على ماقبل من ملكية واستعمار واستغلال وعبودية ، وما بعد من استقلال وعزة وكرامة .. يونيو بنت يوليو وكلاهما وجها القمر المصرى .