تشهد منطقة الشرق الأوسط توترات وصراعات مستمرة، وآخرها اشتعال حرب لبنان التي تأتي في سياق يبدو أنه يهدف إلى إكمال دائرة الخناق على مصر. هذا الوضع يطرح تساؤلات ملحة حول توقيت هذه الحرب وأهدافها الاستراتيجية. للإجابة على هذه التساؤلات، علينا النظر إلى الجغرافيا وتحليل تتابع انتقال بؤر الصراع في المنطقة.
بداية دائرة الصراع
تفجير العراق وسوريا: بدأت الدائرة بتفجير العراق وسوريا، اللذين كانا يمتلكان أقوى جيشين عربيين، مما أثر بشكل مباشر على الجبهة الشرقية لمصر.
تفجير ليبيا: خلال أحداث الربيع العربي، تعرضت ليبيا لضربات الناتو في عام 2011، مما أسفر عن تسليمها للجماعات الإرهابية وتهديد الجبهة الغربية المصرية.
تفجير السودان: في عام 2023، شهدت السودان تفجيرات أدت إلى تهديد مصر بغارات اللاجئين والإرهاب من الجبهة الجنوبية.
حرب الحوثيين: على الجبهة الجنوبية الشرقية، تسببت حرب الحوثيين في تعطيل طريق الملاحة وإغلاق قناة السويس، وهو تهديد لا يقتصر فقط على قناة السويس بل يشمل أيضاً الموانئ المصرية على البحر الأحمر مثل سفاجا والعين السخنة والسويس ونويبع.
حصار مصر من كافة الجوانب
عند النظر إلى هذه المحاور الأربعة، يتضح بجلاء حصار مصر من جميع الجوانب الاقتصادية. ورغم ذلك، يبقى الجانب الشمالي، حيث آبار الغاز والمدخل الشمالي لقناة السويس والموانئ المصرية في بورسعيد والعريش ودمياط والإسكندرية، هو المنفذ الوحيد المتبقي.
تفجير شرق المتوسط
لا يحتاج الأمر إلى أن تكون باحثاً سياسياً أو خبيراً جغرافياً لتعلم أن تفجير شرق المتوسط وجعله مسرحاً للعمليات الحربية كما حدث في جنوب البحر الأحمر وباقي الاتجاهات المصرية، يضع الدولة المصرية فعلياً وعملياً داخل دائرة مغلقة من الصراعات. اشتعال حرب في شرق المتوسط سينتج عنه:
تعطيل اكتشافات الغاز المصرية في البحر المتوسط وصعوبة تأمين الآبار الحالية.
تعطيل عمل الموانئ المصرية المطلة على البحر المتوسط.
إكمال إغلاق قناة السويس من مدخلها الشمالي.
خطاب حسن نصر الله
يأتي خطاب السيد حسن نصر الله الأخير الذي توعد فيه قبرص بمعاقبتها لدعمها إسرائيل، كجزء من هذا السياق. حرب لبنان 2024 ليست كنسخة 2006، فالمطلوب هذه المرة هو أن تكون الحرب بحرية وليست برية فقط في جنوب لبنان، بهدف إكمال دائرة الخناق على الدولة المصرية، خصوصاً بعد فشل مخططات التهجير لسيناء وصمود القيادة والشعب المصري أمام محاولات الانهيار الاقتصادي واستدراج مصر للحرب في تلك الجبهات.
دور إيران
منذ عام 1979، تقوم إيران بدورها المطلوب منها بامتياز، بدعم غربي، لإيجاد كل الذرائع المطلوبة لإعطاء المبرر لأمريكا وإسرائيل لتحقيق أجندتهم في الشرق الأوسط من تفجير الدول الوطنية وتدمير الجيوش الوطنية، ونشر الفوضى الخلاقة كما حدث في العراق وسوريا واليمن ولبنان. ورغم ذلك، فشل المخطط مع مصر حتى الآن.
الحصار الاقتصادي والنفسي
الخطة هي حصار مصر بحزام من الأزمات والصراعات، وهو ما نشهد الآن جزءه الأخير. يستهدف الحصار الاقتصادي مصر بشكل ناعم وغير معلن، في حين تتعرض الجبهة الداخلية لحرب معنوية ونفسية من الشائعات والأكاذيب، بهدف إضعاف قدرة الدولة المصرية على الصمود أمام هذا الكم من العدوان على كل الجبهات والحدود.
استعداد مصر
الدولة المصرية مدركة لكل خيوط المؤامرة وتستعد لها منذ زمن. فهي تراكم قدراتها العسكرية والاقتصادية حتى يحين الميعاد للانتفاض والاقتصاص من الجميع. لكن الأهم الآن هو تماسك الجبهة الداخلية وإدراك المصريين لما يحدث وما يُحاك لهم، وأن يقفوا على قلب رجل واحد خلف الجيش والقيادة المصرية لتجاوز أخطر حصار وجودي يواجه الدولة في تاريخها الحديث.
الخاتمة
إن المؤامرة مستمرة والعدو على الأبواب، والجائزة الكبرى أصبحت مصر بعد تدمير معظم دول وجيوش المنطقة. المؤامرة مستعدة لحرق الغابة طالما لم تستطع اصطياد الدب. حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.