متابعات ـ إيهاب السيد
وضعت الدولة المصرية خلال العشر سنوات الماضية ملف التعليم على رأس أولوياتها، من خلال خطة لتطوير المنظومة التعليمية وفقا للمعايير الدولية، خاصة وأن التعليم أصبح ضرورة حتمية في ظل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وتغير وظائف المستقبل، وأن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني مسئولة عن 25.5 مليون طالب في جميع مراحل التعليم قبل الجامعي.
وفي هذا الإطار عكفت الوزارة على وضع خطة استراتيجية قائمة على الأدلة تتعامل مع الفرص والتحديات الكائنة، وذلك بدعم من الشراكة العالمية للتعليم ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بوصفها الوكالة المنسقة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، كما قطعت الوزارة شوطًا كبيرًا لمدة 3 أعوام من خلال تحليل قطاع التعليم نتج عنه خطة استراتيجية قوية بمنهجية مختلفة تضمن استدامة التطوير، وتشارك فيها كل المستويات بما فيها الشركاء المدنيون.
والخطة الاستراتيجية جاءت في ضوء التأسيس لمشروعات تطوير التعليم القادمة واستكمالا لما سبق من تطوير التعليم في مختلف المجالات، وفي ضوء برنامج الحكومة المصرية تم وضع 3 محاور؛ وهي بناء الإنسان المصري، والتعليم من أجل التشغيل، وحماية الأمن.
كما وضعت الوزارة آلية جديدة لمواجهة العديد من التحديات، تتمثل في كثافة الفصول، وعدم توافق واكتمال البنية التحتية للتحول الرقمي في التعليم للطلبة في منازلهم والمدرسين في فصولهم، وضعف تقبل التغيير والتطوير في التعليم سواء البنية الداخلية أو الخارجية، وتغيير النظرة المجتمعية للتعليم الفني، وعجز المعلمين.
وتهدف الخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم والتعليم الفني إلى معالجة ركائز الإصلاح من منظور النظام ككل مثل ضمان الترابط بين خطة الوزارة والأجندة الوطنية لرؤية مصر 2030، وتعزيز قدرة الوزارة على الصمود والتكيف أمام التحديات والأزمات، والتأكيد على ترابط التعليم مع الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة “الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية”.
وتتضمن أعمدة بناء الخطة الاستراتيجية للتربية والتعليم والتعليم الفني، الجودة والتعبير في التنظيم وفقا لمعايير التنافسية العالمية، والاستدامة والتعلم مدى الحياة، والتحول الرقمي والابتكار والتعلم الأخضر.
وفي هذا الإطار، تم الانتهاء من تطوير مناهج المرحلة الإعدادية استكمالًا للمناهج الجديدة في المرحلة الابتدائية، وتعكف الوزارة حاليا على الإعداد لإحداث تطوير شامل للمرحلة الثانوية.
كما أن هناك عملية تقييم مستمرة للخطة الاستراتيجية للوزارة وخطوات تنفيذها والنتائج التي تحققت في كل محور من محاور التطوير.
وقامت وزارة التعليم أيضا بإعداد بنوك أسئلة مفتوحة من الصف الرابع إلى الصف الثالث الثانوى تساعد الطلاب على تقييم تحصيلهم الدراسي، وذلك من أجل تعلم أفضل، كما يستطيع الطالب الدخول على كل وحدة من الأسئلة على حدة ويظهر له تقرير بأدائه، كما أنه تم تخصيص بريد إلكتروني لكل طالب يتم مراسلته من خلاله وإرسال رسالة إليه على البريد الخاص به أو عبر (التابلت).
وبالنسبة للتنمية المهنية للمعلمين، تم تنفيذ العديد من الحقائب التدريبية للمعلمين من خلال الأكاديمية المهنية للمعلمين، لتمكين أعضاء هيئة التعليم والارتقاء بمستوى أدائهم المهني، والارتقاء بمستويات الأداء التدريسي للمعلمين، وتوفير فرص التنمية المهنية المتميزة لهم لبناء الشخصية القيادية المتمكنة إداريًا والقادرة على مواجهة تحديات العصر، وهو ما ترجمته الرؤية الجديدة للنظام التعليمي من خلال تطوير مجموعة من البرامج والحقائب التدريبية التي تتماشى مع أحدث التوجهات العالمية؛ لمواكبة التطور المعرفي والتكنولوجي وتحقيق جودة العملية التعليمية.
ووضعت الوزارة آلية لانتقاء المعلمين الجدد تعتمد على اختيار الأكفأ، لأن المعلمين هم الذين سيحدثون الحراك والتغيير والتطوير، ومن أبرزها المبادرة الرئاسية “1000 مدير مدرسة” التي تستهدف اختيار مديري المدارس من المعلمين الشباب الكفء والمتميزين، باعتبارهم نواة إحداث التطوير المنشود في إدارة المدارس، وتحقيق نقلة نوعية في مختلف مدارس مصر، وتدريبهم من خلال منحة لمدة 6 أشهر ويحصلون على دبلومة في القيادة والأمن القومي، حيث تم تخريج 350 مدير مدرسة وتم إلحاقهم بالمدارس.
كما وضعت الوزارة خطة لزيادة عدد المدارس المصرية اليابانية ومدارس النيل الدولية والمدارس الرسمية الدولية، حيث بلغ إجمالي عدد المدارس المصرية اليابانية 51 مدرسة في 26 محافظة، والتي تدرس المنهج المصري الجديد باللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى أنشطة (التوكاتسو) اليابانية التي تعمل على تنمية شخصية الطفل وتغرس فيه الانتماء والعمل الجماعي.
وتحظى المدارس الرسمية الدولية “IPS” باهتمام ورعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، والذي يوجه دائما بضرورة التوسع في أعداد هذه المدارس، والارتقاء بمستوى جودتها، حيث تعد هذه المدارس مشروعًا قوميًا يقدم نموذجًا تعليميًا متميزًا بجودة عالمية، وبمصروفات مدعمة، حيث تمنح الطالب شهادة (IG).
وتمثل هذه النوعية من المدارس خطوة مهمة تخطوها الدولة المصرية لتقديم خدمة تعليمية متميزة، وتوفير تعليم متميز بأسعار مناسبة، وتلبية لرغبة أولياء الأمور لإتاحة فرصة لأبنائهم للالتحاق بتعليم دولي بمصروفات مناسبة.
وهناك أيضا مدارس مصر المتكاملة للغات، والتي تعد مدارس حكومية ذكية تواكب التطورات العالمية للثورة الصناعية الرابعة، وتهدف إلى خلق جيل متميز وقادر على مواكبة التغيرات العالمية، وذلك في ضوء رؤية مصر 2030، وتقوم بتطبيق القيم والمهارات الحياتية عمليًا، وتقليل الوقت النسبي لاختبارات نصف ونهاية العام، بالإضافة إلى التركيز على تنمية مهارات البحث والعمل الجماعي.
كما نجحت الوزارة في تغيير الصورة الذهنية للتعليم الفني، وذلك نتيجة تزايد الإقبال على الالتحاق بمدارس التعليم الفني، حيث أظهرت الإحصائيات أن في عام 2018 كانت نسبة التقدم من الطلاب الحاصلين على الشهادة الإعدادية للتعليم الفني 45%، وأصبحت الآن 57% عام 2023 .
وقفزت مصر 67 مركزا في مؤشر المعرفة المصري والمؤشر الفرعي للتعليم الفني والتقني، حيث احتلت المركز 46 عام 2023، مقارنة بعام 2022، بعد أن كانت في المركز 113 عام 2013.
وسعت الوزارة إلى تطوير منظومة التعليم الفني وفق (رؤية مصر 2030)؛ ليكون محور التقدم الصناعي في مصر، كما أن الخطة الاستراتيجية للوزارة (2024 – 2029) أحد أهدافها الأساسية التشغيل وربطه بسوق العمل، خاصة وأن مشكلة التعليم الفني في الماضي كانت تتمثل في نقص التدريب العملي، وبذلك عدم الحصول على فرص عمل لخريجيه، بينما الآن التعليم المزدوج ومدارس التكنولوجيا التطبيقية تعطي هذه الفرصة بتدريب الطلاب في المصانع وإكسابهم المهارات العملية التي تمكنهم من سوق العمل، كما أن تعاون القطاع الخاص من أصحاب المصانع والشركات مع الوزارة من خلال المشاركة في الاختبارات النهائية وتقييم الطلاب أثناء الاختبارات العملية يعطي الفرصة لهؤلاء الطلاب في الالتحاق بالعمل في هذه المصانع، وتؤهلهم للمنافسة في سوق العمل، كما أن بعض الدول الأوروبية تطلب الفنيين من خريجي هذه المدارس.
كما تسعي الوزارة إلى التوسع في أعداد مدارس التكنولوجيا التطبيقية، والتي يصل عددها الآن إلى 71 مدرسة، ومستهدف وصولها إلى 100 مدرسة بنهاية 2026، ووضع معايير منظومة التدريب المهني بالتعاون مع الجهات المستفيدة (الصناعية، التجارية، الزراعية، الفندقية)، من خلال إنشاء مجالس مهارات قطاعية (Sector Skill Councils)، وإنشاء مراكز التميز القطاعية (Centers of Competence) في مدارس مختارة من مدارس التكنولوجيا التطبيقية بالتعاون مع القطاع الخاص.
وتضمنت خطة الوزارة التوسع في إنشاء المدارس الجديدة وتنفيذ أعمال الإحلال والتجديد وصيانة المدارس القائمة بالفعل؛ للارتقاء بالمنظومة التعليمية وخفض الكثافات داخل الفصول والقضاء على تعدد الفترات بالمدارس كأحد المحاور الرئيسية التي تنتهجها الدولة لتطوير المنظومة التعليمية، وتهيئة المدارس للطلاب لتحسين مناخ التعليم وفقًا لـ (رؤية مصر 2030) وخطة التنمية المستدامة التي تبناها الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، لتحقيق التنمية المستدامة بالقطاعات الخدمية المختلفة خاصة في مجال التعليم.
وهناك العديد من الخطوات نجحت وزارة التربية والتعليم ممثلة في هيئة الأبنية التعليمية في تحقيقها في مجال الإنشاءات التعليمية، حيث بلغ إجمالي مشروعات إنشاء المباني المدرسية التي تم تسليمها خلال الفترة من 1/7/2014 حتى الآن عدد (8236) مشروعا بإجمالي (127450) فصلا.
كما تمكنت الهيئة العامة للأبنية التعليمية في مجال الإنشاءات من تنفيذ وتسليم عدد (487) مشروعا بإجمالي (6580) فصلا خلال الفترة من 2014-2015، وخلال الفترة 2015-2016 تم تسليم (594) مشروعًا بإجمالي (8748) فصلًا، وخلال الفترة من 2016-2017 تم تسليم (712) مشروعًا بإجمالي (10600) فصل، وخلال الفترة 2017-2018 تم تسليم (1348) مشروعًا بإجمالي (20186) فصلًا، وخلال الفترة 2018-2019 تم تسليم (661) مشروعًا بإجمالي (11196) فصلًا، وخلال الفترة من 2019-2020 تم تسليم (1050) مشروعًا بإجمالي (17181) فصلًا، وخلال الفترة 2020-2021 تم تسليم (932) مشروعًا بإجمالي (15489) فصلًا، وخلال الفترة 2021-2022 تم تسليم (1481) مشروعًا بإجمالي (21869) فصلًا، وخلال الفترة 2022-2023 تم تسليم (573) مشروعًا بإجمالي (9182) فصلًا، كما تم تسليم خطة العام المالي 2023-2024 حتى تاريخه والبالغ عددها (398) مشروعًا بإجمالي (6419) فصلًا.
وتسعى وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بدعم ومتابعة متواصلة من القيادة السياسية، لتطوير والتوسع في المباني الدراسية بمختلف أنحاء الجمهورية لتواكب الزيادة السنوية في عدد الطلاب، والتي تبلغ حاليا ما يزيد على 25 مليونا و500 ألف طالب، حيث تبذل في سبيل تحقيق محاور خطتها الاستراتيجية 2024-2029، والتي تستهدف بشكل أساسي تقديم تعليم عالي الجودة دون تمييز، جهودا متوازية بالتعاون مع كافة الجهات والهيئات ذات الصلة؛ للارتقاء بالمنظومة من كافة الجوانب، وتخطي التحديات المزمنة التي حالت على مدار عقود دون تطوير المنظومة ومواكبة التطورات العالمية في هذا القطاع الاستراتيجي.