تُصدر مؤسسات دولية متعددة قوائم لتصنيف الجامعات كل ستة أشهر، مما يثير جدلاً واسعاً بين الجامعات ومنتسبيها حول أفضليتها وموقعها في هذه التصنيفات. ولكن هل يمكن الاعتماد على هذه التصنيفات كمعيار دقيق لجودة التعليم والبحث العلمي في الجامعات؟
معايير التصنيف الدولي
تعتمد مؤسسات التصنيف الدولي مثل QS و THE على مجموعة متنوعة من المعايير التي تشمل جودة التعليم، مخرجات البحث العلمي، عدد أعضاء هيئة التدريس الحاصلين على جوائز دولية، ومدى رضا الطلاب وأصحاب الأعمال. من بين هذه المعايير، يعتبر البحث العلمي محوراً رئيسياً، حيث تشكل نسبة كبيرة من النقاط في التصنيفات (تصل إلى 50% أو أكثر) بناءً على عدد الأوراق البحثية المنشورة في دوريات علمية عالمية وعدد الاستشهادات بتلك الأوراق.
تأثير التصنيفات على البحث العلمي
أدى التركيز على معيار البحث العلمي في التصنيفات الدولية إلى توجه الجامعات نحو زيادة عدد الأوراق البحثية المنشورة، بغض النظر عن جودة تلك الأبحاث. كما أدى ذلك إلى انتشار النشر المفتوح (Open Access) في دوريات علمية بمقابل مادي مرتفع، وأحياناً في دور نشر غير رصينة. هذا التحول أثر على مصداقية الدوريات المجانية التي تحولت إلى دوريات تقبل نشر الأوراق بنظام النشر المفتوح، مما أضعف الثقة في مصداقيتها.
الاعتماد على قاعدة بيانات واحدة
إحدى النقاط المثيرة للجدل هي اعتماد التصنيفات على قاعدة بيانات واحدة مثل Scopus، المملوكة لدار نشر السيفير. تقوم هذه القاعدة بتغطية آلاف الدوريات في مختلف التخصصات، بما في ذلك الدوريات التي تعتمد على نظام النشر المفتوح. يطرح هذا الاعتماد تساؤلات حول مصداقية وشفافية التصنيفات، خاصة وأن هذه الدوريات قد تفتقر أحياناً إلى معايير الجودة الصارمة.
التفرقة بين الجامعات الأكاديمية والبحثية
تُثار أيضاً تساؤلات حول التفرقة بين الجامعات التي تركز على تخريج الطلاب في مراحل التعليم الجامعي وما بعد الجامعي، وبين المؤسسات البحثية التي تركز فقط على البحث العلمي. هل من المنطقي أن يُنتظر من عضو هيئة التدريس الذي يجمع بين التدريس والبحث العلمي أن ينتج نفس عدد الأوراق البحثية التي ينتجها الباحث المتفرغ للبحث فقط؟ هذا التمييز يعتبر جوهرياً لضمان عدالة التصنيفات وموضوعيتها.
الخلاصة
بينما تلعب التصنيفات الدولية دوراً مهماً في توجيه الجامعات نحو تحسين معاييرها الأكاديمية والبحثية، إلا أن الاعتماد الكلي على هذه التصنيفات دون النظر إلى التحديات والمشكلات المرتبطة بها قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة. لذا، يجب على الجامعات والجهات المعنية بالتعليم العالي النظر بعين ناقدة إلى معايير التصنيف، والعمل على تطوير معايير تقييم شاملة تعكس جودة التعليم والبحث العلمي بموضوعية وشفافية.