شهد البرلمان الأوروبي تحولاً مفاجئًا بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية، حيث اتجهت الدفة نحو اليمين المتشدد. هذا التحول قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في نهج الاتحاد الأوروبي في عدد من الملفات الهامة، بما في ذلك الطاقة والهجرة والحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك حركة السفر والتنقل، بالإضافة إلى مسألة ضم دول جديدة للتكتل الأوروبي.
الانتخابات الأوروبية وتأثيرها على البرلمان
يتألف البرلمان الأوروبي من 720 مقعدًا، ينتخب المواطنون نوابه بشكل مباشر، ويلعب دورًا رئيسيًا في إقرار التشريعات والرقابة، فضلًا عن دوره المحدود في الشؤون المالية. نتائج الانتخابات الأخيرة أظهرت تقدم حزب التجمع الوطني الفرنسي بنسبة تزيد على 31% من الأصوات، متفوقًا بفارق كبير على حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مما اضطر ماكرون إلى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
صعود اليمين المتطرف في ألمانيا
في ألمانيا، ورغم الاعتقالات والمداهمات المستمرة لحزب البديل من أجل ألمانيا، احتل الحزب اليميني المتطرف المركز الثاني في الانتخابات، متقدمًا بفارق كبير على أحزاب الائتلاف الحاكم، الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر. هذه النتائج في أكبر دولتين في الاتحاد الأوروبي قد تؤدي إلى تغيير ملموس في المشروعات القادمة المتعلقة بتوسيع الاتحاد الأوروبي والتعاون في قضايا الحدود والتقدم الاقتصادي.
مخاوف تفكك الاتحاد الأوروبي
وفقًا لتقرير شبكة سكاي نيوز، هناك مخاوف من تراجع وحدة الاتحاد الأوروبي مع تركيز كل دولة على مصالحها الخاصة ورفضها لتحكم سلطة بروكسل. هذا الوضع قد يزيد من مخاطر تفكك الاتحاد.
ملف الهجرة: القضية الرئيسية لليمين المتطرف
ملف الهجرة يتصدر برامج الأحزاب اليمينية التي تخشى تأثير الهجرة على الهوية الوطنية وفرص العمل ومستوى المعيشة. هذا الخطاب يهيمن على الأحزاب اليمينية في إيطاليا وفرنسا وهولندا والمجر، مما قاد بعض هذه الأحزاب إلى السلطة، مثل حزب “إخوة إيطاليا” في 2022، وحزب الحرية في النمسا في 2021، وحزب الحرية في هولندا في 2023.
حرب أوكرانيا: التحدي الثالث
يأتي الملف الثالث متمثلاً في الحرب الأوكرانية، حيث تقارب بعض تيارات اليمين الصاعدة في الانتخابات الأوروبية من موسكو، مما يترتب عليه احتمال ظهور استراتيجية أوروبية جديدة في إدارة الحرب وتحديد مستقبلها. يعتقد اليمين المتطرف أن حرب أوكرانيا، التي اندلعت في فبراير 2022، فاقمت من الأزمات الاقتصادية في أوروبا، وخرجت مظاهرات تطالب بالحد من المساعدات الضخمة التي تقدمها الدول الأوروبية لأوكرانيا.
الختام
في ضوء هذه التحولات، يواجه الاتحاد الأوروبي فترة من التغيير الكبير مع تصاعد نفوذ اليمين المتطرف. هذا الوضع يتطلب مراقبة دقيقة لفهم كيفية تأثير هذه التحولات على السياسات الأوروبية المستقبلية والتكامل الأوروبي.