تستعد إثيوبيا للبدء في المرحلة الخامسة من ملء سد النهضة بحلول نهاية الشهر المقبل، متجاهلة التحذيرات والمخاوف الشديدة من انهيار السد وما قد يترتب عليه من غرق السودان ونقص حصة مصر من مياه النيل.
هذا القرار الإثيوبي يعقد الأزمة مع دولتي المصب مصر والسودان، اللتين تعترضان بشدة على هذه الخطوة.
خلفية الأزمة
سد النهضة، الذي بدأ بناؤه في عام 2011، كان منذ البداية مصدر توتر بين إثيوبيا ومصر والسودان. تتهم دولتا المصب إثيوبيا باتخاذ إجراءات أحادية الجانب دون التشاور معهما، مما يعرض أمنهما المائي والبيئي للخطر. في ديسمبر الماضي، أعلنت القاهرة فشل آخر جولة من المفاوضات التي استمرت نحو أربعة أشهر.
تفاصيل الملء الخامس
أعلن الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن صور الأقمار الاصطناعية أظهرت استعدادات إثيوبيا لبدء الملء الخامس في نهاية يوليو. يهدف هذا الملء إلى تخزين حوالي 23 مليار متر مكعب إضافية من المياه، مما سيرفع منسوب المياه في السد إلى 640 متراً فوق سطح البحر.
مخاوف مصرية وسودانية
تشكو مصر من شح مائي وتعتمد بشكل أساسي على مياه النيل، حيث تبلغ حصتها السنوية 55.5 مليار متر مكعب. ومع الاستخدامات الفعلية التي تصل إلى 80 مليار متر مكعب، تلجأ مصر إلى تدوير وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي لتعويض العجز. وزير الري المصري، الدكتور هاني سويلم، أكد في مؤتمر “أسبوع القاهرة للمياه” أن مصر تقوم بتدوير نحو 26 مليار متر مكعب سنوياً من مياه الصرف الزراعي.
الدكتور ضياء الدين القوصي، المستشار الأسبق لوزير الري، حذر من أن الملء الخامس سيصعب الموقف، مشيراً إلى أن مصر ستضطر إلى السحب من مخزون بحيرة ناصر لتعويض نقص المياه، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على المخزون الاستراتيجي للسد العالي. كما أعرب عن قلقه من أن موسم الفيضان القادم على الهضبة الإثيوبية قد يكون متوسطاً، مما يعني نقصاً كبيراً في حصة مصر.
توترات إقليمية متصاعدة
تثير قضية سد النهضة توترات مستمرة بين القاهرة وأديس أبابا، خاصة بعد توقف المفاوضات في ديسمبر الماضي. وزير الري المصري أكد خلال “مؤتمر بغداد الدولي للمياه” في أبريل أن استمرار بناء السد دون تشاور يشكل خطراً وجودياً يهدد نحو 150 مليون مواطن في مصر والسودان.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
الدكتور أيمن عبد الوهاب، نائب مدير “مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية”، وصف استعدادات إثيوبيا للملء الخامس بأنه منعطف جديد في التوترات. وأشار إلى أن مصر قد تضطر لاتخاذ إجراءات تصعيدية إذا استمر التعنت الإثيوبي. كما أعرب عن قلقه من تأثير الأوضاع الإقليمية المتصاعدة على أزمة السد، مشيراً إلى أن الضغط الدولي قد يدفع أديس أبابا للعودة إلى طاولة المفاوضات.
خاتمة
تظل أزمة سد النهضة قضية حساسة ومعقدة تؤثر على استقرار المنطقة بأكملها. ومع استمرار إثيوبيا في تنفيذ خططها دون اتفاق مع دولتي المصب، تزداد المخاوف من تفاقم التوترات والمخاطر البيئية والمائية التي قد تنجم عن ذلك. تتطلب هذه الأزمة تدخلات دولية وإقليمية عاجلة لضمان الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف ويضمن استدامة الموارد المائية في المنطقة.