صدع رؤوسنا ذلك المتحول الصحفي للأسف، الذي كان تنويريًا وباع نفسه للإخوان، يمثل تحديًا كبيرًا في عالم الصحافة. هذا النموذج يشهد تحولات سريعة بين صفوف الصحفيين بعد سن الستين.
الصحفي والناشر التنويري، الذي كان ملئ السمع والبصر، وأثر دويًا بأعماله، لكنه الآن يردد أفكارًا غريبة تتعارض مع مبادئه الأصلية. هذا الرجل ليس وحده، بل هناك آخرون من الناصريين واليساريين والليبراليين، حتى الصحفيون الأقباط الذين كانوا يدافعون عن قيم التنوير اليوم يرقصون مع تيارات الإسلام السياسي.
هذا الواقع يبرز حالة التشتت في المجال الصحفي والإعلامي، حيث تذكرني مقولة عادل إمام بضحكه على تحول صديقه الشيوعي إلى مناصر للإسلام السياسي، فكما قال: “على وجد موارد الشيوعيين ضعيفة فذهب إلى الرز باللبن”. هذا المشهد يوضح كيف يمكن للأفراد أن يتحولوا بشكل مفاجئ من اليسار إلى اليمين في سياق التغييرات الاقتصادية.
هل ستترك هذه المجالس والهيئات الصحفية أساتذتنا بلا حماية؟ هل ستكونون شاهدين على تحولهم لفريسة سهلة تقع في أيدي الأيديولوجيات المغرضة التي تقدم لهم الدعم المادي والدعم النفسي بدلاً من الالتزام بأخلاقيات المهنة والحفاظ على استقلالية الرأي؟
الصحفيون هم حراس الفكر والمدافعون عن الحقيقة، لا يحيون بالشعارات والتدوين فقط بل يراقبون حركة المجتمع ويصبون أخطاؤه ويصبحون مرآة له.
نحتاج إلى توفير بيئة عمل غير الملائمة للإبداع والتفكير النقدي، وكذلك تدريب شباب الصحفيين التدريب المستمر والتأهيل والتثقيف، لكي يتمكنوا من تحمل المسؤوليات المتزايدة والمساهمة بفاعلية في تطوير وسائل الإعلام وحماية حرياتها في المستقبل.
الصحفيون كبار السن، الذين أضافوا لعملهم الصحفي لمسات من الخبرة والتجربة، يجدون أنفسهم في مأزق حقيقي. فهم لا يحتاجون فقط إلى الاعتراف بمساهماتهم الطويلة في تشكيل الرأي العام وتوجيه التفكير، بل إلى دعم مادي وعلاجي يضمن لهم الكرامة والرعاية التي تليق بمكانتهم المهنية.
الصحفيون ليسوا فقط منتجين للأخبار والتحليلات، بل هم حراس الحقيقة والمفكرون الذين يشكلون ضمير الأمم. يجب على الهيئات الصحفية أن تتخذ إجراءات فعالة لحماية حقوق صحفييها، خاصة الكبار في السن، من خلال توفير الدعم المالي المناسب والرعاية الصحية والدعم النفسي، بالإضافة إلى خلق بيئة عمل تشجع على الإبداع والتفكير النقدي.
شباب الصحفيين بدورهم يحتاجون إلى تدريب مستمر وتأهيل متقدم، ليتمكنوا من تقديم محتوى صحفي ذي جودة عالية يلبي احتياجات الجمهور المتنوعة ويساهم في تطوير المجتمعات وحماية قيم الديمقراطية وحرية التعبير.
في النهاية، يتعين على الهيئات الصحفية أن تتبنى استراتيجيات شاملة تضمن استمرارية مهنة الصحافة بكافة أشكالها وتحقيق التوازن بين الحرية الصحفية والمسؤولية الاجتماعية، بما يحافظ على مكانتها كركيزة أساسية في بناء المجتمعات المدنية والديمقراطية.