فتحت جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية، حزب جبهة العمل الإسلامي، باب الاشتباك السياسي مبكرًا مع الحكومة الأردنية. جاءت هذه المواجهة عبر توجيه رسائل تحذيرية مباشرة وغير مباشرة تتضمن تحذيرات من مغبة التدخل في العملية الانتخابية المقبلة. يرى متابعون أن موقف الإخوان في الأردن ليس مفاجئًا، خاصةً مع أهمية الاستحقاق التشريعي القادم الذي تراهن عليه الجماعة لتعزيز تموقعها في المشهد السياسي وفرض نفسها كرقم صعب في المعادلة النيابية، بعد التغييرات التي طالت المنظومة السياسية.
استراتيجيات الحكومة والردود المتوقعة
يعتقد المراقبون أنه من غير المرجح أن ترد الحكومة الأردنية مباشرة على هذه الرسائل، وذلك لإدراكها أن الجماعة تسعى لجرها إلى مواجهة مباشرة. بدلاً من ذلك، قد تترك الحكومة الأمر لشخصيات سياسية قريبة منها للرد أو التعامل مع المسألة. وأكد المراقب العام الجديد لجماعة الإخوان المسلمين، مراد العضايلة، على أهمية الانتخابات المقبلة في إنجاح مشاريع التحديث التي أطلقتها قيادة البلد، محذرًا من التدخل في العملية الانتخابية واعتبره عبثًا باستقرار الدولة ومسار التحديث.
أهمية الانتخابات المقبلة
تستعد الأردن لإجراء انتخابات تشريعية في العاشر من سبتمبر المقبل، وهي الأولى بعد إدخال تعديلات على المنظومة السياسية شملت قانوني الأحزاب والانتخابات. هذه التعديلات عززت من حصة الأحزاب في البرلمان على حساب مكونات أخرى مثل العشائر، حيث باتت للأحزاب الأردنية إمكانية الهيمنة على المجلس عبر تحالفات وأيضًا عبر الدفع بمستقلين موالين. هذا التحديث يستهدف الوصول بالبلاد إلى حكومات برلمانية، مما يعكس أهمية هذه الانتخابات بالنسبة للجماعة لتعزيز حضورها البرلماني.
رؤية الإخوان المسلمين
أوضح العضايلة أن الانتخابات القادمة تمثل محطة مهمة جدًا، مشيرًا إلى أن التحديث الذي جرى على قانون الانتخاب راعى الخصوصية الأردنية في قضية التوافقات والتدرج ومعايير داخلية. كما أكد العضايلة أن القانون الجديد لم يحدد حصة لكل حزب بل ترك مساحة للأحزاب للتنافس، ووضع عتبة لدخول الحياة السياسية والبرلمانية.
موقف جماعة الإخوان من التدخلات
دعا العضايلة الجهات المعنية إلى التوقف عن الضغوطات والممارسات والتصريحات التي تستهدف الحركة الإسلامية، مشيرًا إلى أن الجماعة لا تنوي الهيمنة على البرلمان ولا ترى في ذلك مصلحة لها أو للدولة الأردنية. ووجه العضايلة رسالة للجهات المعنية بأن توفر جهدها، مؤكدًا أن الحركة الإسلامية تسعى لاجتماع الأردنيين على كلمة سواء لمواجهة الضغوط الخارجية التي تهدف إلى تمزيق وحدة الصف والمجتمع الأردني.
مذكرة احتجاج من حزب جبهة العمل الإسلامي
جاءت تصريحات العضايلة بعد ساعات من مذكرة أرسلها الأمين العام الجديد لحزب جبهة العمل الإسلامي، وائل السقا، إلى رئيس الحكومة، بشر الخصاونة، يحتج فيها على ما اعتبره تضييقًا على الحزب وأعضائه. يرى مراقبون أن هذه المذكرة كان من المفترض أن توجه إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، باعتبارها المعنية بالإشراف على العملية الانتخابية وإدارتها، وليس إلى الحكومة التي لا تملك تأثيرًا مباشرًا على الاستحقاق الانتخابي.
دلالات الرسائل السياسية
يشير المراقبون إلى أن اختيار إرسال المذكرة لرئيس الوزراء يحمل دلالات سياسية واضحة، ويهدف إلى استيلاد المظلومية مجددًا، وهو مسار اعتادت عليه الجماعة مع اقتراب كل استحقاق انتخابي. طالب السقا في مذكرته باتخاذ إجراءات ضامنة لإيقاف سياسة التضييق والضغط على الحزب وأعضائه، لاسيما المضايقات المرتبطة بالانتخابات النيابية، مشددًا على ضرورة إشاعة بيئة مطمئنة للأحزاب والمواطنين وضامنة لنزاهة العملية الانتخابية.
الخلاصة
في ظل التحضيرات للانتخابات التشريعية المقبلة في الأردن، تستمر جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي في ممارسة الضغط السياسي على الحكومة عبر تحذيرات ومطالبات تضمن نزاهة العملية الانتخابية. في المقابل، تسعى الحكومة للحفاظ على استقرار العملية السياسية دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع الجماعة. يبقى الرهان على كيفية إدارة هذه التحديات السياسية بما يخدم الاستقرار والتحديث في الأردن.