منذ أيام قليلة احتفلت جريدة «المصرى اليوم»، بحضور فريق العمل وعدد كبير من محبيها، من الصحفيين والشخصيات العامة، بمناسبة مرور عشرين عامًا على انطلاقها عام 2004م، وبالتحديد فى 7 يونيو من ذلك العام. وربما لا أكون مبالغًا إذا قلت إن جريدة «المصرى اليوم» كانت- وما زالت- تُمثل تجربة رائدة، مختلفة ومتميزة، فى عالم الصحافة، ليس على مستوى الصحافة الخاصة وحدها، وإنما فى عالم الصحافة المصرية على وجه العموم، ما يُعيد للأذهان تجارب صحفية أثرت الحياة السياسية والثقافية والفكرية وأضافت الكثير لمسيرة الصحافة المصرية، خلال سنوات القرن التاسع عشر والقرن العشرين، لتأتى جريدة «المصرى اليوم» فى السنوات الأولى من القرن الحادى والعشرين وتحتل مكانة متقدمة بين الصحف المصرية والعربية.
صدرت «المصرى اليوم» فى وقت كانت مصر تشهد فيه حراكًا سياسيًا وفكريًا واجتماعيًا وثقافيًا، حين اتجهت أنظار المجتمع نحو تحقيق مبادئ المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية واحترام منظومة القيم الإيجابية مثل الحرية والعلم والعمل والإخاء والتعاون وغيرها، فتجاوبت الصحيفة الناشئة آنذاك مع احتياجات الجمهور/ الناس، تعكس تطلعاتهم وتنقل آمالهم، وسرعان ما نالت «المصرى اليوم» استحسان القراء وثقتهم فيها، بفضل ما تمتعت به من مصداقية وموثوقية، ومراعاة القيم المهنية المُتعارف عليها، ولعل اسم الجريدة يحمل دلالات خاصة، من حيث الاهتمام بالمواطن«ة» المصرى وتسليط الضوء على أحوال المصريين فى علاقاتهم الداخلية مع بعضهم بعضًا ونحو مؤسسات الدولة، الحكومية وغير الحكومية، وفى علاقات مصر على مستوى العالم الخارجى أيضًا، فى السياسة والاقتصاد والشؤون الاجتماعية والثقافية.
كانت الجريدة- وما زالت- حاضرة بقوة فى مختلف الظروف والأحداث التى مرت بها مصر طيلة السنوات الماضية، خاصة أنها بدأت واستمرت تحت شعار «من حقك تعرف»، وهو شعار له دلالات مهمة ومعان عميقة فى عالم الصحافة والإعلام، حيث تهتم بالخبر ونشر تفاصيله وتوفير الحقائق المُتعلقة به، إذ يمثل الخبر أساس العمل الصحفى والسبب الأول لوجوده، والجمهور يتطلع دومًا لأن يعرف الجديد ويفهم ما وراء الأخبار والأحداث فى مختلف المجالات، عبر التقارير والتحليلات والتحقيقات والحوارات، وهو أمر يعكس أمرين؛ الأول: حق الصحفيين فى الوصول للمعلومات من مصادرها ونشرها، والثانى: حق الجمهور فى المعرفة، والمشاركة الفعّالة فى اتخاذ القرار المناسب، ليكون المصرى«ة» مواطنًا صالحًا وإنسانًا إيجابيًا، يتفاعل مع الأحداث ولا ينعزل عنها، وهو ما يُفرق بين صحيفة وصحيفة أخرى، ويفسر ارتباط جمهور القراء بصحف دون غيرها.
كما تحظى جريدة «المصرى اليوم» بأقلام عدد غير قليل من كبار الكُتّاب والصحفيين من المثقفين والمفكرين، من المصريين والأشقاء العرب، فضلًا عن نشر وترجمة مقالات لكُتّاب أجانب، وهؤلاء الكُتّاب وإن كانوا يمثلون عدة أجيال وينتمون لتيارات فكرية مختلفة، إلا أنه يجمعهم حب الوطن وعالمنا الإنسانى المشترك، يثرون صفحات الصحيفة وبوابتها بأفكار متنوعة، ويقدمون رؤى جديدة ومبتكرة، يشاركون بها فى معالجة مختلف القضايا والموضوعات ورصد الهموم والتحديات التى يواجهها المجتمع المصرى والعربى والدولى، وهم لا يكتفون برصد المشكلات وإنما يهتمون أيضًا باقتراح الحلول وتقديم الأفكار لتجاوز المشكلات والأزمات، وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة، والمساهمة بنصيبهم فى بناء الجمهورية الجديدة، ومجتمع إنسانى أكثر رقيًا وتحضرًا.
كل هذا وغيره جعل لصحيفة «المصرى اليوم» شخصية متميزة ومدرسة صحفية خاصة ذات نكهة مميزة فى الإخبار وباقى فنون الإعلام، مدرسة تجمع بين الرصانة والعصرية، بين عمق التحليل والجاذبية، على مستوى الشكل والمضمون أيضًا.
ولأنها صحيفة متميزة بين الصحف فهى محل اهتمام الباحثين، الذين اعتبروها من الصحف المُمثلة للصحف الخاصة، الأمر الذى ظهر فى كثير من الدراسات الصحفية خلال السنوات الأخيرة، فى كليات وأقسام الصحافة والإعلام بالجامعات المصرية، وهى دراسات تنوعت على المستوى الأكاديمى لتشمل رسائل الماجستير والدكتوراه وبحوث المؤتمرات والأبحاث المنشورة فى الدوريات العلمية، وعلى مستوى الموضوع أو مجال الدراسة لتشمل الشكل «الإخراج والتصميم» والمضمون «المحتوى» والقائمين بالاتصال «الصحفيين» وجمهور القراء.
عزيزتى «المصرى اليوم».. تحية من القلب لمسيرة صحفية رائدة، وتحية واجبة لكل فريق العمل، على مستوى الإدارة والتحرير، وكل الأمنيات بدوام الاستمرار، ومواصلة النجاح والتوفيق، واستمرار المساهمة فى عملية التنوير، وتشكيل الوعى وبناء الإنسان المصرى، ونحن ننتظر المزيد من التطوير الذى تعودناه من فريق عمل رائد ومُتجدد بعلمه وأفكاره.