في فترة ليست ببعيدة، شهدت مصر تولي الدكتور طارق جلال شوقي أحمد شوقي، منصب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني والتدريب. وُلد شوقي في 12 يونيو 1957، وهو عالم جليل ومثقف يُعتبر مرجعاً عالمياً في مجال التعليم. حاز شوقي على الجائزة الرئاسية الأمريكية للتفوق البحثي عام 1989، والتحق بمنظمة اليونسكو عام 1999 وحتى سبتمبر 2012، حيث قاد تنفيذ العديد من المشروعات حول العالم في مجال تطبيقات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في التعليم والعلوم والثقافة، وتبوأ منصب مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في الدول العربية.
عندما تولى الدكتور شوقي منصب وزير التعليم، وضع نصب عينيه هدفاً طموحاً: القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية، التي تُعد منظومة فاسدة تهدد التعليم في مصر. ولتحقيق هذا الهدف، وضع خطة مناسبة وفعالة للنهوض بالتعليم، مدركاً أن المهمة لن تكون سهلة وسيواجه معارضة شرسة.
معارضة مافيا الدروس الخصوصية والكتب الخارجية
لم يكن مفاجئاً أن تهاجمه مافيا الدروس الخصوصية وحيتان الكتب الخارجية، إذ كانوا يدركون تماماً أن إصلاحات الدكتور شوقي ستضرب مصالحهم الاقتصادية التي تقدر بمليارات الجنيهات. لهذا السبب، كانوا على استعداد لاستخدام كافة الوسائل لإفشال خططه. إلى جانبهم، انضم لصوص التعليم والمدارس الخاصة إلى حملة الهجوم، فهم أيضاً كانوا يرون في إصلاحاته تهديداً مباشراً لأرباحهم. ومن ناحية أخرى، استغلت جماعة الإخوان المسلمين الفرصة لتعميق الأزمة، فهم كانوا يسعون دائماً لإثارة الفوضى وإضعاف الدولة المصرية.
هجوم أولياء الأمور وجروبات الأمهات
لكن ما كان غريباً ومؤسفاً هو الهجوم الذي شنه أولياء الأمور على الدكتور طارق شوقي. العديد منهم، بقيادة جروبات الأمهات، أظهروا جهلًا تامًا بالهدف الحقيقي من الإصلاحات التي اقترحها الوزير. تلك الجروبات شنت حملات على الوزير، دون أن تدرك أن تلك الإصلاحات تهدف في النهاية إلى تحسين مستقبل أبنائهم التعليمي. الطلاب الفاشلون أيضاً وجدوا في هذه الحملة فرصة للتهرب من الالتزام والتعلم. كانت هناك مقاومة قوية للإصلاحات، رغم أنها كانت تهدف إلى القضاء على الفساد وتحسين جودة التعليم.
الحاجة إلى استعادة الاستفادة من خبراته
الآن، وبعد مرور فترة على مغادرته منصبه، يطرح السؤال نفسه: هل من الممكن أن نعود ونستفيد من هذا العالم المصري الكبير تحت أي مسمى؟ الدكتور طارق شوقي يملك خبرات واسعة ورؤية عميقة لتحسين نظام التعليم. قاد شوقي اليونسكو لبناء شراكات إستراتيجية مع الشركات الكبرى في مجالات تقنيات الاتصالات والمعلومات، كما قاد المشروع العالمي لتأسيس معايير قياسية لتدريب المعلمين على استخدامات تقنيات الاتصالات والمعلومات في التدريس. عاد بعد ذلك إلى العمل الأكاديمي ليُصبح عميدًا لكلية العلوم والهندسة الميكانيكية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة منذ عام 2012.
دور الدكتور مصطفى مدبولي
نأمل أن يستجيب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لهذه الدعوات ويقوم بخطوات جادة لإعادة الاستفادة من خبرات الدكتور طارق شوقي. التعليم هو العمود الفقري لأي نهضة، وإذا كان هناك شخص يمكنه أن يحدث تغييراً حقيقياً في هذا المجال، فهو بالتأكيد الدكتور طارق شوقي. إنقاذ التعليم من الانهيار يحتاج إلى شجاعة وإرادة قوية، وإذا تضافرت الجهود بين الحكومة والمجتمع، يمكن أن نرى نظام تعليم يلبي طموحات أبنائنا ويرتقي بمستوى مصر في كافة المجالات.