تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على غزة برًا وبحرًا وجوًا منذ السابع من أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد 36,801 فلسطينيًا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 83,680 آخرين، فيما لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات.
اليوم تجلى الدور الحقيقي للميناء العائم الذي ادعت أنه أنشئ لتخفيف معاناة الغزيين، حيث استخدمت شاحنات المساعدات الموجودة به والقوات المتمركزة فيه في عملية تحرير 4 أسرى إسرائيليين وارتكاب أبشع مجزرة في مخيم النصيرات.
هكذا استردوا أسراهم بمجزرة النصيرات. لا أحد يذكر الأمعاء التي تبرز من جسد صبي في الشارع، فروة الرأس التي تتدلى من رأس فتاة في المستشفى، الرجل العجوز بلا ساقين وآخر شاب يحترق.
وثقت عشرات المقاطع التي انتشرت على منصات التواصل حجم آلة القتل التي استخدمتها إسرائيل في مجزرة مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
إسرائيل وأجواء النصر المزيف
حرصت إسرائيل على بث أجواء من النصر والفرح مع عملية تحرير الرهائن، وإعطاء نتنياهو قبلة مؤقتة للحياة بعد أن حرر الجيش الإسرائيلي 4 محتجزين أحياء من وسط قطاع غزة، في عملية وحشية مريعة، استخدم فيها كل أنواع الأسلحة برًا وبحرًا وجوًا، مخلّفًا مجزرة راح ضحيتها ما لا يقل عن 210 قتلى فلسطينيين و400 جريح، فيما قُتل أهم قائد وهو قائد وحدة اليمام الخاصة.
وتوغلت آليات عسكرية بشكل مفاجئ في مناطق شرقي وشمال غربي مخيم النصيرات بالتزامن مع القصف المدفعي العنيف الذي استهدف مناطق واسعة من المخيم، كما توغلت قرب جسر وادي غزة على طريق “صلاح الدين” وسط القطاع، ووسعت توغلها شرقي دير البلح وفي مخيمي البريج والمغازي.
وانتشلت طواقم الإسعاف عشرات القتلى من الشعب الفلسطيني بينهم أطفال من الشوارع ومنطقة السوق المركزي الذي سقطت عليه القذائف، بينما اكتظت أقسام المستشفيات بعشرات الجرحى من الحالات الحرجة.
على أي نصر تتحدثون؟ ألا يعتقد نتنياهو أن تحرير الأربعة الأسرى بمثابة عربون لتحرير أسرى آخرين عسكريًا، أو مقدمة لانتصارات عسكرية قادمة؟ بالعكس، هو إفشال لاتفاقية الهدنة وتسليم المختطفين أحياء، وأتوقع تصعيدًا خطيرًا قادمًا للمواطنين الإسرائيليين أكثر مما كان، وليست العمليات العسكرية ضمانًا لرجوع باقي المختطفين أو إبقائهم في سلام.
تحرير الأربعة المحررين ليس إنجازًا؛ فلو استطعنا أن نقول إن إسرائيل خلال ثمانية أشهر منذ السابع من أكتوبر الماضي حررت أربعة أشخاص من المختطفين من قبل قوات حماس، فهذا يعني أن إسرائيل تحتاج لتحرير المئة والعشرين مخطوفًا إلى عشرين عامًا.
حلقت طائرات مسيرة بشكل كثيف في سماء مخيم النصيرات وأطلقت النار على كل من يتحرك في طرقاته، ما أسفر عن ارتقاء مئات الشهداء والجرحى.
خرج نتنياهو للعالم بالانتصار المزيف، الملطخ بالدماء وسط أكثر من ثلاث لواءات، وأكثر من خمس فرق مدرعة، وأكثر من 600 طائرة مسيرة، وتغطية من جميع الأسلحة، ولم يستطيعوا الوصول إلى مخرج وطلبوا المساعدة والامتداد، وفشل في إتمام عملية عسكرية، وقتل فيها قائد القوات، ودمر حيًا سكنيًا كاملًا ليخرج أربعة أشخاص، استشهد أمامهم أكثر من 210 مواطنين بين أطفال ونساء و400 جريح فلسطيني.
وقد أظهرت مقاطع أخرى استشهاد العشرات من الأطفال والنساء، وقد مزق القصف أجسادهم إلى أشلاء مع مئات الجرحى، بعد أن شن جيش الاحتلال هجومًا وحشيًا غير مسبوق على مخيم النصيرات ومناطق عدة في المحافظة الوسطى، من أجل استعادة أربعة من أسراه.
حبل المشنقة يزداد التفافًا حول عنق “نتنياهو” يومًا بعد يوم؛ ففي الوقت الذي ما برحت فيه محكمتا العدل الدولية والجنايات الدولية تصعدان ضده قضائيًا، فاجأ بعملية بزور البشائر لتحرير أربعة من المختطفين، وكارثة عسكرية يحولها لانتصار مكذوب، لأن الأمر ليس إلا تسويقًا إعلاميًا ليتنفس قليلاً.
عناصر تحرير الأربعة وقعوا في كمين حماس ليصبحوا أسرى لمدة ساعة ونصف، والقوات العسكرية أسرى لدى المقاومة الفلسطينية، والخروج من الفخ تطلب نيرانًا في محيط السيارة التي تستقلها القوات ومعهم الأربعة المحررون، حتى تم الاستعانة بالمدفعية لجيش الاحتلال لتنفيذ تفجيرات كثيفة على كل القطاعات.
“نتنياهو” يتباهى بتحرير 4 أسرى إسرائيليين من قبضة حماس؛ وكأن ذلك شبيه بانتصار الجيش الأحمر الروسي على الألمان في معركة “ستالينغراد”، أو كأنه في مستوى انتصار قوات الحلفاء على الألمان في إبرار “نورماندي”.
كأن “نتنياهو” يريد أن يُمنح جيش الاحتلال جائزة “نوبل” للسلام بدلاً من أن تكون دولة قاتلة للأطفال حسب إدراج الأمم المتحدة لاسم إسرائيل في القائمة السوداء.
على العالم أن يفهم أن أميركا وسلطة الاحتلال، من أجل تحرير القوة التي أرادت أن تحرر أربعة أسرى أو مختطفين إسرائيليين، قتلت المئات وأصابت الآلاف من الفلسطينيين في مجزرة النصيرات.