متابعات ـ هاني فريد
أكد عادل بن عبد الرحمن العسومي رئيس البرلمان العربي رئيس مجلس أمناء المرصد العربي لحقوق الإنسان، أن الرصيد الأسود للاحتلال الإسرائيلي بات متضخمًا بجرائم الإبادة والمجازر والتهجير والاعتقال والتعذيب في حق الشعب الفلسطيني، وهو ما يفرض على أصحاب الضمائر بالمجتمع الدولي ضرورة تبني موقف موحد ومغاير لوقف جرائم الحرب اليومية وتجريم السلوك الإجرامي المتصاعد من قبل الاحتلال في قطاع غزة.
وقال العسومي – في كلمته خلال أعمال الاجتماع الأول لمجلس أمناء المرصد العربي لحقوق الإنسان في دورته الثانية اليوم السبت بالقاهرة – إنه على مدار 250 يوماً متواصلة، لا يزال الشعب الفلسطيني يتعرض لحرب إبادة جماعية وتهجير قسري، وتُرتَكَب ضده جرائم حرب مكتملة الأركان راح ضحيتها أكثر من 36 ألفا و731 شهيداً، و83 ألفا و530 مصاباً، بخلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات والذين لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم، فضلا عما سببه الاحتلال من كارثة إنسانية غير مسبوقة نتيجة وقف إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود.
وأشار إلى أن ما يمارسه الاحتلال من انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني لا يمس الفلسطينيين وحدهم بل المنظومة العالمية وقواعدها، حيث إن المنظومة الدولية اهتزت – بشدة – أمام الازدواجية الصارخة في تطبيق مبادئ حقوق الإنسان، والنفاق الدولي الفج في التعامل مع هذه الأزمة.
وأضاف العسومي أن الواقع الحالي يؤكد ضرورة وحتمية الارتكاز على نظامنا الإقليمي العربي كمرجعية بما يتيح تقوية وتعزيز منظومتنا العربية، وبما ينعكس إيجابا أيضا على أمننا القومي وسلامة دولنا فمصيرنا مشترك، ولا خيار أمامنا سوى تكثيف الجهود والعمل يدا في يد.
ونوه إلى أن كل جهد وعمل سياسي وشعبي نبذله من أجل وقف الحرب الوحشية لن يرقى بالطبع لمرتبة الجُرم المرتكب ولا لجلال التضحية التي يبذلها الفلسطينيون كل يوم من دمائهم وأبنائهم ولكنه يظل جهداً ضرورياً وعملاً مطلوباً ينبغي أن يتواصل ويتصاعد حتى تتوقف تماماً هذه المجازر المستمرة منذ ما يقرب من تسعة أشهر.
وأوضح أن الاعتراف الدولي المتزايد بدولة فلسطين سواء بتزايد عدد الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، أو تزايد عدد الدول المنضمة إلى الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية والتي وصلت إلى 11 دولة لإدانة الاحتلال الإسرائيلي وكشف مساعيه للإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، لا يمثل فقط انتصاراً للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتأكيداً لعدالة القضية الفلسطينية، بل يمثل انكشافاً للوجه القبيح لكيان الاحتلال، وإدراكاً لطبيعته العنصرية والإجرامية، والتي لم يعرف التاريخ مثيلاً لها.
وتابع أن هذا التحول الملحوظ في مواقف دول العالم تجاه القضية الفلسطينية، يؤكد مجدداً لكيان الاحتلال وداعميه أن الأمن والاستقرار في المنطقة وفي العالم لن يتحققا بآلة الحرب والأعمال الإجرامية الإرهابية التي يقوم بها كيان الاحتلال، موجها تحية إجلال وإكبار لنساء وأطفال وشيوخ وشباب فلسطين الذين أثبتوا للعالم أجمع بصمودهم، أن قضيتهم لن تموت، وأن حقهم سيعود ولو بعد حين.
وأكد أن المرصد العربي لحقوق الإنسان سيظل داعما بقوة لتطوير المنظومة العربية لحقوق الإنسان ونشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيز آليات إنفاذها وفق الآليات والمعايير الموضوعية التي لا تستهدف فقط إبراز التحديات ونقاط الضعف ولكن أيضاً تسليط الضوء على العلامات المضيئة والإشادة بها، ولدينا الكثير من النماذج العربية التي تعكس هذه العلامات المضيئة.
وفي هذا السياق، ثمن العسومي الخطوات النوعية والمتلاحقة التي تتخذها الدولة المصرية في مجال حماية ونشر ثقافة حقوق الإنسان والتي توجت بتحقيق نتائج ملموسة من خلال وضع وتنفيذ الإستراتيجية المصرية لحقوق الإنسان التي جاءت بإرادة سياسية وعزم على التنفيذ والدعم لتحقيق النجاح من الرئيس عبد الفتاح السيسي ونجاحها في ترسيخ مفهوم شامل ومتكامل لحقوق الإنسان، وتُدشِن منظومة رائدة ومتطورة.
وأشاد بما تحققه مملكة البحرين من إنجازات على صعيد صون وحماية حقوق الإنسان، وهو ما يعد ترجمة لتوجيهات عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة وامتدادا لنهج المملكة الراسخ والأصيل المستمد من قيمها الحضارية والإنسانية، وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يحض على قيم الحق والعدل والتي عززت من مكانة البحرين وجعلت منها نموذجاً متميزاً يحظى بكل التقدير والاحترام من قبل المجتمع الدولي وهو ما كان محل الإشادة أممياً وعربياً.
كما ثمن كذلك الخطوات الرائدة والمتسارعة لتعزيز حقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد، والتطورات النوعية والكبيرة نتيجة للتقدم الذي أحرزته رؤية السعودية التنموية 2030 التي عملت على عديد من البرامج والمشروعات والأنظمة والتشريعات والتي أسهمت بشكل كبير في تمكين المرأة، وهو ما انعكس على الثقة الأممية باختيار ممثل السعودية بالإجماع لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة.
ويناقش المرصد العربي لحقوق الإنسان في اجتماعه عددا من القضايا المتعلقة بلائحته الداخلية واختيار نائب لرئيس مجلس الأمناء، والعمل على تنظيم المؤتمر العربي الأول بحالة حقوق الإنسان بالقاهرة سبتمبر المقبل، وذلك بالتعاون مع المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر.
كما تضمن مشروع جدول والأعمال مقترحات الأعضاء حول استراتيجية وخطة عمل المرصد خلال الفترة 2024-2028، وكذلك مناقشة الإجراءات المطلوبة لاعتماد المرصد العربي لحقوق الإنسان كإحدى الآليات العربية الرسمية لحقوق الإنسان واعتباره آلية إقليمية معتمدة، فضلا عن مناقشة خطة تحرك المرصد لكشف وفضح الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.. كما يناقش مذكرة بشأن حصول المرصد على صفة مراقب بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وشارك في الاجتماع السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بالجامعة العربية، والسفير طلال المطيري رئيس اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، والمستشار جابر المري رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والوزير مفوض منير الفاسي مدير إدارة حقوق الانسان بالجامعة العربية، بالإضافة إلى أعضاء مجلس أمناء المرصد.