في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية المتغيرة، تبرز أهمية استعادة الحقوق المالية التاريخية كوسيلة لدعم الاقتصاد الوطني.
تأتي مسألة ديون مصر لدى بريطانيا، والتي تبلغ قيمتها الحالية نحو 72 مليار جنيه إسترليني، كأحد الموضوعات الجديرة بالبحث والتدقيق.
لماذا لا ندعو لتشكيل لجنة لبحث هذا الأمر الهام؟
الديون التاريخية
في عام 1945، كانت بريطانيا مدينة لمصر بمبلغ 400 مليون جنيه إسترليني تحت ما يعرف بـ”الأرصدة الاسترلينية”. ومنذ ذلك التاريخ، لم تقم بريطانيا بسداد هذا الدين أو الفوائد المترتبة عليه.
إذا أخذنا بعين الاعتبار معدلات الفائدة والتضخم على مدى العقود الماضية، فإن القيمة الحالية لهذا الدين تصل إلى نحو 72 مليار جنيه إسترليني.
أصل الدين
هذا الدين الذي أقرت به وزارة المستعمرات البريطانية في وثائقها، لم يكن أموالًا مدفوعة نقدًا، وإنما وفقًا للاتفاقات البريطانية المصرية التي فرضت على مصر المحتلة أن تكون مسرحًا للعمليات البريطانية في الحربين العالميتين الأولى والثانية بوصفها إحدى مستعمراتها.
ألزمت هذه الاتفاقات الحكومة المصرية بتقديم كافة التسهيلات والمساعدات للقوات البريطانية، بما فيها حق استغلال الموانئ والمطارات والقواعد العسكرية واستخدام طرق المواصلات وخطوط البرق والتلغراف.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كانت الديون البريطانية لمصر عبارة عن مواد بترولية ومحاصيل زراعية وسلع غذائية استولت عليها إنجلترا من الأسواق ومخازن الحكومة ومعسكرات الجيش المصري لإمداد جنودها بالطعام وتسيير مركباتها وآلياتها العسكرية طوال فترة الحرب، بالإضافة لخدمات لوجيستية ورسوم استخدام الطرق البرية والمرافق البحرية والموارد النفطية المصرية.
تعويضات الجنود المصريين
يشمل مبلغ الدين تعويضات كان من المفترض أن تؤديها بريطانيا لأسر آلاف الجنود المصريين الذين تم اقتيادهم بـ”الكرباج”، وساقهم الباشاوات مقيدين بالسلاسل للاشتراك في الحربين العالميتين وماتوا دون أن يعرفوا سببًا لهذه الحروب ودون أن يعرف أحد عنهم شيئًا.
الأهمية الاقتصادية
استعادة هذه الديون يمكن أن توفر دفعة قوية للاقتصاد المصري، خاصة في ظل التحديات المالية التي تواجهها البلاد. تعمل الحكومة المصرية حاليًا على تنفيذ إصلاحات اقتصادية واسعة تشمل تحرير سعر الصرف وزيادة معدلات الفائدة لجذب الاستثمارات وتعزيز الاقتصاد المحلي.
خاتمة
تشكيل لجنة لبحث استعادة ديون مصر من بريطانيا ليس فقط خطوة مشروعة، بل هو ضرورة اقتصادية قد تسهم بشكل كبير في تحسين الوضع المالي لمصر ، وندعو لتشكيل لجنة متخصصة لدراسة هذا الأمر والعمل على استعادة حقوق مصر المالية التاريخية.