شهدت الأسابيع الأخيرة تطورات مثيرة في الصراع الاستخباري بين كتائب القسام والموساد الإسرائيلي. وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن نجاحها في توجيه ضربة قوية لجهاز الموساد الإسرائيلي، مما أثار جدلاً واسعًا واهتمامًا عالميًا.
تصريحات يوسي كوهين
صرح يوسي كوهين، رئيس الموساد الأسبق، بأن جهاز الموساد يعتبر من أكثر أجهزة الاستخبارات تكتيكًا وإعدادًا وغموضًا في العالم. وأشار كوهين إلى أن الموساد قد هزم جميع أجهزة الاستخبارات في منطقة الشرق الأوسط بل والعالم. إلا أنه في الفترة الأخيرة، تعرض لهزيمة تلو الأخرى أمام جهاز مخابرات كتائب القسام، حيث تمثل هذه الهزيمة الثالثة خلال ثمانية أشهر فقط.
الأحداث التي أشعلت الصراع
بعد أحداث السابع من أكتوبر التي عرفت باسم “طوفان الأقصى”، سربت كتائب القسام معلومات مضللة عن طريق عملاء مزدوجين، تفيد بأن قائد لواء الجنوب في الجيش الإسرائيلي، اللواء إساف حمامي، قد قتل وأن جثته بحوزة القسام. استقبل الموساد هذه المعلومات وأعلن في شهر ديسمبر عن مقتل حمامي، معتبرًا ذلك إنجازًا استخباراتيًا كبيرًا. وقام الموساد بترتيب جنازة رمزية لحمامي.
الصفعة الكبرى للموساد
قبل يومين، أعلنت كتائب القسام أن اللواء إساف حمامي لا يزال على قيد الحياة، وأنه أسير لديهم منذ إصابته في السابع من أكتوبر. وأكدت القسام أن حمامي قد تم علاجه وأنه بحالة صحية جيدة، مما وجه صفعة قوية للموساد وألحق ضررًا كبيرًا بسمعته.
محاولة إنقاذ فاشلة
في محاولة لاستعادة سمعته، قرر الموساد تنفيذ عملية تحرير للواء إساف حمامي. واختار الموساد أفضل وحداته القتالية لتنفيذ هذه العملية. ومع ذلك، كانت كتائب القسام مستعدة لهذا التحرك، حيث استخدمت مرة أخرى عملاء مزدوجين لنقل معلومات مفبركة للموساد عن مكان احتجاز حمامي.
تحرك فريق الموساد بناءً على هذه المعلومات، وتم استدراجه إلى أحد الأنفاق المعقدة التي تديرها كتائب القسام. وعند وصولهم إلى النقطة المحددة، تعرضوا لكمين محكم، حيث انفكت بهم فتحة إلى الأسفل، مما أربكهم وأفقدهم القدرة على الحركة، الأمر الذي سهل على رجال القسام القبض عليهم أحياء.
النصر الاستخباري للقسام
بهذه العملية، وجه جهاز مخابرات القسام ضربة جديدة وقوية للموساد، معززًا من مكانته في المجال الاستخباري. هذه السلسلة من الانتصارات تشير إلى قدرات استخباراتية متقدمة لدى كتائب القسام، وتسلط الضوء على ضعف الموساد في التعامل مع هذا النوع من الحرب الاستخباراتية المعقدة.
هذه التطورات تضع الموساد أمام تحديات كبيرة وتثير تساؤلات حول كيفية تعامل إسرائيل مع هذا الفشل المتكرر، بينما تستمر كتائب القسام في تعزيز قدراتها واستخدام التكتيكات المبتكرة لتحقيق مكاسب استخباراتية كبيرة.
ردود الفعل الإسرائيلية
بعد الإعلان عن فشل العملية ومحاولة الإنقاذ التي باءت بالفشل، تصاعدت ردود الفعل داخل إسرائيل. انتقدت وسائل الإعلام الإسرائيلية الموساد بشدة، معتبرةً أن ما حدث يمثل فشلاً استخباراتيًا كبيرًا وتراجعًا في قدرات الجهاز الذي كان يعد الأكثر تطورًا وغموضًا في العالم. طالب بعض المحللين والسياسيين بفتح تحقيق شامل لمعرفة أسباب هذا الفشل المتكرر، ومحاسبة المسؤولين عنه.
رد فعل الحكومة الإسرائيلية
لم تقتصر ردود الفعل على وسائل الإعلام فقط، بل امتدت إلى الحكومة الإسرائيلية. عقدت جلسات طارئة لمناقشة الأوضاع الأمنية والاستخباراتية بعد الفشل الأخير. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي عن تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لتقييم أداء الموساد خلال الأشهر الأخيرة، وضرورة مراجعة استراتيجياته وأدواته لمواجهة التحديات الجديدة.
موقف كتائب القسام
في المقابل، اعتبرت كتائب القسام هذه الانتصارات الاستخباراتية جزءًا من استراتيجيتها الأوسع لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي. وأكدت في بيان لها أنها مستمرة في تطوير قدراتها الاستخباراتية والعسكرية، وأن هذه الانتصارات تعزز من ثقة الشعب الفلسطيني في قدراتها على مواجهة إسرائيل بوسائل متعددة.
ختام
الصراع الاستخباراتي بين الموساد وكتائب القسام يدخل مرحلة جديدة ومعقدة، حيث بات واضحًا أن القدرات الاستخباراتية لم تعد حكراً على الدول الكبرى. نجاح كتائب القسام في استغلال الأدوات الاستخباراتية وتوجيه ضربات موجعة للموساد يمثل تحولاً نوعيًا في مسار الصراع، ويطرح تساؤلات عديدة حول مستقبل التوازن الأمني والاستخباراتي في المنطقة.