قتلة السادات بدأت في الساعة التاسعة والنصف صباح يوم السبت 21 فبراير 1981، وهي إحدى محاكمات القرن العشرين، لأن «المجني عليه رئيس جمهورية له مكانته دوليًّا، والجريمة شهدها العالم لحظة ارتكابها على الهواء مباشرة».
ولأول مرة في تاريخ الجريمة السياسية في مصر بعد ثورة يوليو نجد أنفسنا أمام جريمة سياسية حقيقية لا تقبل الشك، فكل الجرائم التي سبقت اغتيال السادات كانت تندرج تحت جرائم الشروع أو محاولة اغتيال، أو الشروع في قتل شخصية ما، أو محاولة قلب نظام الحكم.
وكنت في المنصة يوم الاغتيال، ولاحظت أن هذه القضية على أهميتها ليس بها أسماء لامعة في عالم المحاماة باستثناء عبده مراد وإبراهيم صالح، لأنها قضية حساسة يقف فيها المحامون ضد مشاعر الرأي العام الذي لا يتعاطف مع المتهمين.
وفي استراحة ما بين الجلستين قال لي العقيد بحري محمود عبدالقادر رئيس النيابة العسكرية إنها المرة الأولى في تاريخ القضايا السياسية التي يعامل فيها المتهمون بهذه الصورة الحسنة التي شهدوا بها علنًا.
وبلغ حجم التحقيقات 754 صفحة، واعترف خالد الإسلامبولي بأنه هو الذي وضع خطة اغتيال السادات في العرض العسكري قبل تنفيذها بعشرة أيام، وتعهد أمير التنظيم محمد عبدالسلام فرج بتوفير الذخائر وإبر ضرب النار اللازمة للأسلحة.
وكانوا الجناة مجرمين غير تقليديين، تتراوح أعمارهم بين 18 و28 سنة باستثناء عبود الزمر 25 سنة وعمر عبدالرحمن 42 سنة.
.
وفي التحقيقات أنكر عمر عبدالرحمن أنه أفتى باستباحة دم السادات وعندما سُئل بعض المتهمين في هذه النقطة قالوا إنهم فهموا منه ذلك، وفي استراحة المحاكمة نجحت في الوصول إلى قفص المتهمين، وأجريت حوارًا سريعًا معهم نشرته روز اليوسف على غلافها بالكامل ونقلته وكالات الأنباء العالمية، وفيما بعد قضت المحكمة بإعدام خالد الإسلامبولي رميًا بالرصاص، وأعدم باقي المنفذين شنقًا، وسجن عبود الزمر ومحمد عبدالسلام فرج وعمر عبدالرحمن.