نهاية العام الماضي 2022، في إحدى حلقات برنامجي «واجه الحقيقة» على قناة القاهرة الإخبارية؛ تحدثت عن العملة الخضراء «الدولار»، فيعد الدولار كائن أسطوري يأتي بالرخاء والفناء ويجمع بين الحلم والوهم، وهو «جرين بوكس» الذي تجري به 83.5% من المعاملات الاقتصادية الدولية، رغم أن الولايات المتحدة عليها ديون تصل لـ 27 تريليون دولار.
لم تعد تلك العملة التي تتحكم في العالم كله تثير اهتمام الحكومات والمصارف المركزية والمدارس الاقتصادية والمؤسسات التمويلية، وإنما أصبحت بطاقة هوية في جيب أبسط فلاح في الهند وأصغر عامل في جنوب أفريقيا وأفقر مربية أطفال إثيوبية، والدولار بالنسبة للولايات المتحدة سلاح للسيطرة الاقتصادية التي تؤدي إلى هيمنة في سياستها الخارجية، ويعد رمز للقوة الأمريكية في زمن العولمة، وعملة رسمية في بعض البلاد وعملة سرية في البعض الآخر.
وقصة الدولار تستحق أن تُروى، بدأت في عام 1783 انتهت حرب الاستقلال الأمريكية بهزيمة بريطانيا بعد 8 سنوات من القتال، والدمار، والموت، والخراب، وجاء السلام لكن جاءت معه فوضى مالية يصعب السيطرة عليها، وسبب الفوضى المالية الإفراط في طبع الأوراق المالية الأمريكية التي عرفت وقتها باسم «الكونتيننتال» لتمويل نفقات الحرب الباهظة حتى انهارت قيمة العملة يومًا بعد يوم.
وقال بنيامين فرانكلين أحد الأباء المؤسسين للولايات المتحدة يفسر تلك الأزمة: «لقد حاربنا وهزمنا أشد الأمم قوة في أوروبا، ولكننا تركنا البلاد في أزمة اقتصادية مؤلمة». بعد خمسة أعوام من التضخم المتزايد أصبحت قيمة عملة «الكونتيننتال» 2.5 % فقط من قيمتها الاسمية.. من هنا انتشرت عبارة «لا يساوي كونتيننتال» التي لا تزال مستخدمة في الثقافة الأمريكية.