نشرت جريدة “الجارديان ” البريطانية خطة السعودية البديلة، وقامت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية في خطوة مفاجئة، بصياغة مجموعة من الاتفاقيات الهامة بشأن الأمن وتبادل التكنولوجيا، حيث كان من المفترض أن تكون هذه الاتفاقيات مرتبطة بتسوية أوسع في الشرق الأوسط تشمل إسرائيل والفلسطينيين.
ومع ذلك، في غياب وقف إطلاق النار في غزة وفي ظل المقاومة العنيدة من جانب حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية لإنشاء دولة فلسطينية، وتصميمها الواضح على شن هجوم على رفح، يدفع السعوديون باتجاه “خطة ب”، التي تستثني الإسرائيليين.
بموجب هذا الخيار، ستوقع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية اتفاقيات بشأن اتفاقية دفاع ثنائية، ومساعدة الولايات المتحدة في بناء صناعة الطاقة النووية المدنية السعودية، والمشاركة رفيعة المستوى في مجال الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات الناشئة.
ووفقًا لهذا الخيار، ستقدم السعودية عرضًا لإسرائيل لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الرياض مقابل قبول إسرائيل لحل الدولتين للصراع الإسرائيلي العربي المستمر منذ 76 عامًا. ومع ذلك، فإن إتمام الصفقات الأمريكية السعودية لن يعتمد على موافقة حكومة نتنياهو، حسب اقتراح الرياض للخطة ب.
قال فراس مقصد، المدير الأول للتواصل الاستراتيجي في معهد الشرق الأوسط: “يجب أن يكون هناك مجال لنموذج الأقل مقابل الأقل، لذلك لا ينبغي أن تكون العلاقة مع الولايات المتحدة رهينة لأهواء السياسة الإسرائيلية أو بنيامين نتنياهو”.
من جهته، لن تتمكن إدارة بايدن من تحقيق التسوية الإقليمية التاريخية التي كانت تسعى إليها وسط حطام حرب غزة، على الأقل ليس على الفور، لكنها ستعمل على ترسيخ شراكة استراتيجية مع المملكة العربية السعودية من شأنها أن تبقي النفوذ الصيني والروسي في وضع حرج.
وبينما لا تزال إدارة بايدن تواجه تحديات في تحقيق التسوية الإقليمية المطلوبة، خاصة وأن المسؤولين الأمريكيين الذين كانوا يشددون على أهمية ربط الاتفاقيات الأمريكية السعودية بالتطبيع السعودي الإسرائيلي وحل الدولتين، أصبحوا غير ملتزمين بذلك في الأيام الأخيرة.
وفي تصريحات بالرياض يوم الاثنين، ربط وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الاتفاق الأمريكي السعودي بالتطبيع السعودي الإسرائيلي والتقدم نحو إقامة دولة فلسطينية، مشيرًا إلى أن “العمل الذي تقوم به المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة معًا قد يكون قريبًا جدًا من الاكتمال.. ولكن من أجل المضي قدمًا في التطبيع، سيكون هناك حاجة إلى الهدوء في غزة ومسار موثوق به إلى دولة فلسطينية”.
ومع ذلك، هناك مؤشرات على التردد في معسكر بايدن، حيث أن المسؤولين الأمريكيين لم يحققوا النوع من التقدم المطلوب لإنجاز هذه الأهداف، بما يشمل الأمور التي كان يأمل السعوديون في تحقيقها عندما كان من المقرر أن يزور بلينكن الرياض.
في البداية على الأقل، من المتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الصفقة الأمريكية السعودية بشكل مستقل عن التطورات في إسرائيل والأراضي المحتلة، لكن سيتم تقديم عرض رسمي إلى إسرائيل، يستبدل فيه التطبيع السعودي – والذي يعد هدفًا رئيسيًا للسياسة الخارجية الإسرائيلية – بتحركات “لا رجعة فيها” نحو إقامة دولة فلسطينية على أراضي غزة والضفة الغربية.
وتشمل الصفقة الأمريكية السعودية جزءًا نوويًا يمكن أن يتيح للرياض إنشاء محطة لتحويل مسحوق اليورانيوم المخصب إلى غاز، ومن المحتمل أن يُسمح للسعودية في المستقبل بتخصيب غاز اليورانيوم على أراضيها.
ويتضمن جزء ثالث من الصفقة تخفيف ضوابط التصدير الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية لرقائق الكمبيوتر المستخدمة في أدوات تطوير الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يعتبر أساسيًا في تطلعات الس عودية لتصبح المملكة العربية السعودية مركزًا للتكنولوجيا الفائقة في المنطقة.
على الرغم من ذلك، تبقى الموافقة على هذه الصفقة مستلزمة، وليست واضحة تمامًا، سواء من إدارة الرئيس بايدن أو من الكونغرس الأمريكي. وتأتي تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في الرياض، حيث أكد على أهمية التطبيع السعودي الإسرائيلي والتقدم نحو حل الدولتين، كمحاولة لتعزيز فرص تحقيق هذه الصفقة الهامة.
في الختام، من المتوقع أن يستمر الحوار بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية حول هذه الخطة البديلة، مع تحديد الشروط والمعايير اللازمة لتحقيق الأهداف المشتركة في المنطقة. وستبقى العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين محورًا رئيسيًا للاهتمام الدولي في الأيام والأسابيع المقبلة، خاصةً مع التطورات المتسارعة في الشرق الأوسط.