متابعات ـ هاني فريد
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ، أن معالجة مأساة غزة، ومنع تكرارها، يتطلب حلا جذريا لمسببات اشتعالها، مشددا على أنه لا يمكن معالجة تلك الأزمة إلا بمعالجة القضية الفلسطينية بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من يونيو 1967.
جاء ذلك في كلمة الأمين العام للجامعة العربية أمام اجتماع هيئة مجموعة السلام العربي الذي عقد اليوم الاثنين بمقر الأمانة العامة للجامعة وألقاها نيابة عنه السفير الدكتور سعيد أبو علي الأمين العام المساعد رئيس قطاع شؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة.
وقال أبو الغيط إن فتح الأفق السياسي والطريق إلى حل الدولتين يحتاج إرادة دولية حاسمة لتحويله إلى واقع بأسرع وقت ممكن من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية عبر مؤتمر دولي يرسم مسارا وخارطة طريق محددة بأفق زمني واضح ينهي الاحتلال ويمكن دولة فلسطين من ممارسة حقها في السيادة والاستقلال، وهذا ما تعبر عنه الأغلبية الساحقة من دول العالم وشعوبه سواء في قاعات الأمم المتحدة ومنظماتها أو بشوارع العواصم العالمية وجامعاتها وتجليات الرأي العام العالمي المطالب بوقف حرب الإبادة وبحرية فلسطين ورفض المعايير المزدوجة ما يدعو إلى التقدير والاحترام. وأشار إلى أن القضية الفلسطينية تمر بظروف مصيرية وذلك في إطار مواجهة الحرب الإسرائيلية التدميرية على قطاع غزة وفلسطين، والتصدي لجريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني بقطاع غزة على امتداد سبعة أشهر بكل ضراوة ووحشية.
وأضاف أنه مع مضي أكثر من مائتي يوم على حرب الإبادة الجماعية والتدمير والتجويع والتهجير بقطاع غزة، لا تزال الوحشية والهمجية الإسرائيلية مستمرة بأبشع صورها مستهدفة مختلف مناحي الحياة، حيث أوقعت أكثر من 120 ألفا بين شهيد وجريح ومفقود، ولا يزال آلاف الضحايا تحت الركام، الذي تؤكد التقارير الأممية أنه بلغ حوالي 37 مليون طن، أي أن نحو 300 كيلو جرام من الركام في المتر المربع، حيث سيستغرق إزالته 14 عاما، إذ أن حوالي 65% من المباني المدمرة سكنية في قطاع غزة، مع ما تبقى في هذا الركام من قذائف لم تنفجر بلغت نسبتها عشرة بالمائة من مجموع ما تم إلقاؤه على قطاع غزة الذي تجاوز ما حجمه أربع قنابل ذرية.
وتابع الأمين العام: ” يستمر تصاعد العدوان الإسرائيلي الممنهج ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية بما فيها القدس قتلا،واعتقالا،وتدميرا، وتهجيرا، واستيطانا وتهويدا بصورة غير مسبوقة بحرب معلنة يشنها جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين المسلحة التي تمارس الإرهاب الرسمي المنظم، وتفرض مختلف صنوف الاضطهاد والفصل العنصري والتطهير العرقي، في تأكيد مطلق لارتكاب جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية المكتملة الأركان، تلك الجرائم الممتدة على طوال عقود الصراع، وإن تكثفت اليوم بهذه الوحشية في محاولة لتدمير الوجود والحقوق الفلسطينية وتصفية القضية الفلسطينية التي تواجه اليوم المرحلة الأشد خطورة ومصيرية”. ولفت إلى أن المجتمع الدولي يعجز عن لجم العدوان ووقف حرب الإبادة والتهجير والتصفية، و توفير الحماية للشعب الفلسطيني ومنحه حقوقه الوطنية المشروعة بالحرية والاستقلال.
وأوضح أبو الغيط أن الدفاع عن القضية الفلسطينية اليوم وهي القضية الأكثر عدلا وإنسانية بكل المعايير والقوانين والشرائع لم تعد فقط واجبا وطنيا قوميا، بل هي واجب وضرورة أخلاقية وإنسانية، داعيا مجموعة السلام العربي لتكثيف أنشطتها، لمواجهة حرب الفناء وفضح الجرائم الإسرائيلية، وتقديم مرتكبيها للعدالة الدولية، ولمواجهة الحرب الإعلامية الإسرائيلية المضللة المدعومة من حلفاء إسرائيل.
وقال أبو الغيط: إن للإعلام دورا هاما وبالغ التأثير على صعيد الرأي العام في تفنيد الادعاءات والأكاذيب الإسرائيلية الممنهجة، وفي كشف المدى الوحشي الذي بلغته الجرائم الإسرائيلية، وفي تأكيد حقيقة العدوان الفظيعة، وأهدافه الصريحة والضمنية، لتصفية القضية الفلسطينية.. لافتا إلى أهمية الدور والمسؤولية التي تتطلع بها سائر مكونات العدالة الدولية من منظمات وهيئات مختصة أو ذات صلة بحقوق الإنسان دولية أو إقليمية، مؤسسات مجتمع مدني عامة أو وطنية، بلحظة استحقاق تاريخية فارقة يتكثف عبرها الصراع على الرواية والوعي، كما على الحقوق والوجود، لتحقيق الإنجاز بالتضافر والتكامل مع المسارات الأخرى، وصولا لتحقيق العدالة والإنصاف لشعب فلسطين بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وأكد أبو الغيط أن المواقف العالمية تغيرت وتحركت بالتدريج ناحية الموقف العربي الذي اتخذناه جميعا من اليوم الأول، وهو ما يتجسد في قرار مجلس الأمن الأخير 2728 الذي طالب لأول مرة بوقف فوري لإطلاق النار، على الرغم من أنها استفاقة متأخرة، ولا تعفي من صمتوا لشهور من مسئوليتهم عن اجتراء الاحتلال على الدم الفلسطيني.
وذكر أن التقرير النهائي للجنة المراجعة المستقلة المكلفة من الأمم المتحدة للتحقيق في الادعاءات الإسرائيلية حول حيادية “الأونروا ” وتورط عدد من عناصرها في أحداث السابع من أكتوبر، يثبت بما لا يدع مجالا من الشك تهافت الادعاءات التي أطلقتها إسرائيل بدون أي دليل ملموس، كما يشير بجلاء إلى أن هذه الادعاءات لم تكن إلا جزءا من حملة ممنهجة للقضاء على الوكالة وإنهاء دورها المحوري في إعاشة وتشغيل نحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني، فضلا عن تقويض عملها الذي لا غنى عنه في التعامل مع الكارثة الإنسانية التي تسببت فيها جرائم الاحتلال وفظائعه في قطاع غزة عبر الشهور الماضية.
ونوه الأمين العام إلى أن ذلك يأتي رغم أسفنا البالغ إزاء عجز مجلس الأمن عن إصدار قرار يمكن دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، نتيجة استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لحق النقض (الفيتو)، لإعاقة إرادة دولية واضحة بالموافقة على انضمام فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة، معربا في الوقت ذاته عن شكره وتقديره لمواقف الدول ال`12 التي دعمت حصول فلسطين على هذه العضوية.
وشدد الأمين العام للجامعة العربية على أن كل جهد دبلوماسي وعمل سياسي نبذله هنا في اجتماعاتنا، أو في مختلف الأروقة الدبلوماسية والمحافل الدولية،من أجل وقف الحرب الوحشية في قطاع غزة، لن يرقى بالطبع لمرتبة الجرم المرتكب ولا لجلال التضحية التي يبذلها الفلسطينيون كل يوم من دمائهم وأبنائهم، ولكنه يظل جهدا ضروريا وعملا مطلوبا ينبغي أن يتواصل ويتصاعد حتى تتوقف هذه المقتلة المستمرة.
وأكد أهمية تنفيذ القرارات الدولية على الأرض ووقف العمليات العسكرية والعدوان الإسرائيلي بشكل فوري وكامل، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية عبر الطرق البرية المعتادة، وبما يخفف من كارثية الوضع الإنساني المتدهور في غزة، ويجنب أهلها خطر المجاعة المحدقة.