أحب الأزهريين.. ويروقُ ـ لي ـ الشعراءُ الأزهريون بطبيعة الحال.. فهم الأكثر رقة وعذوبة.. وهم الأفضل ـ كما علمت ممن أثق فيهم من شعراء ـ في علم “العروض/بحورالشعر”.
شبابهم يعيبهم الاستعجال والاستغراق في الشعر الوعظي والمنبري وشعر الحِكَم “الحكمة”.. وشعرُ “الحكم” هو معضلة وعقدة غالبية الشعراء الحاليين، ولا أدري ما إذا كانت “المعضلة” لها علاقة بـ”المهارات”.. سيما وأن غالبيتهم يمتلكون المهارة.. أظن أن المشكلة في تنوع مصادر المعرفة والثقافة ـ وبدرجة أقل لغة أجنبية ـ التي تؤهل الشاعر للابتكار في شعر الحكمة.
تأملوا نزار مثلا .. جاء في شعره بعضُ الحكم ولكن مبتكرة وغير مسبوقة وعلى غير مثال يقول مثلا:
الحبُّ ليس روايةً شرقيةً
بختامها يتزوجُ الأبطالُ
لكنه الإبحار دون سفينةٍ
وشعورنا انَّ الوصولَ محالُ
وفي أخرى يقول:
أحرقتُ من خلفي جميعَ مراكبي إنَّ الهوى ألا يكون إيابُ
اللاهثون على هوامش عمرنا سيان إن حضروا وإنْ هم غابوا
يتهكمون على النبيذ معتقا وهم على سطحِ النبيذِ ذُبابُ
في عصر زيت الكاز يطلب شاعرٌ ثوبَا وترفلُ بالحرير قـِحابُ!!
تأملوا الشياكة .. أبيات كأنها تمشي بالكعب العالي وسط ميدان ” الكونكورد” بباريس.. وليس بـ”خفٍ” في بادية العرب!