“حكاية حب”..وحكايات حب أخرى مُلهِمة .
ينصرف أغلبنا عند مشاهدة فيلم “حكاية حب” لمتابعة الحكاية الرقيقة متجددة الرومانسية بين بطلى الفيلم، والتى نسجها لنا قصةً وإخراجاً المبدع “حلمى حليم”، وبسيناريو للخبير “على الزرقانى” .
قصة تكررت كثيراً فى تاريخ السينما المصرية والعالمية، ومع ذلك كان للفيلم -ومازال- مذاقاً خاصاً ورونقاً مختلفاً، يأتى بذكرى ولو سريعة تعابر أفق خيال كل منا، عن لحظات لا ينساها فى مشوار حياته ، هذه الحالة وتلك الجاذبية تصنعها “حكايات حب” أخرى جانبية، ترويها لنا أحداث الفيلم، وتمهد -دون أن ندري- للحكاية الرئيسية طريقها إلى عميق وجداننا نحن المشاهدين.
“حكاية حب” تأسرنا متابعتها بين “أحمد سامى” أو “عبد الحليم حافظ” مدرس الأناشيد فى مدرسة “خليل باباظ” فى الحى الشعبى بمدينة الأسكندرية ، و”نادية هانم” أو النجمة الذهبية “مريم فخر الدين” نزيلة القصر المنيف والعزبة وإستراحة الشاطىء، وقائدة السيارة الفارهة ، سليلة عائلة الدكتور “عبد الوهاب” أحد أشهر أطباء الأمراض الباطنة والقلب في مصر, والذى أدى دوره بشموخه المعهود، العملاق ” محمود المليجي”.
“حكاية حب ” تملكتنا وكانت فيها التضحية والإيثار قيمتين رائعتين متبادلتين .
“حكاية حب”أخرى مؤثرة،أحسن فيها”أحمد سامى” لوالدته، وأخفض لها جناح الذل من الرحمة ، وقد قصد المؤلف أن تكون الأم فاقدة البصر ، حتى يكون هو عائلها وخادمها وراعيها الوحيد. و كالعادة أذهلتنا وأبكتنا العظيمة “فردوس محمد” وهى تؤدى هذا الدور .
“حكاية حب” أخرى ملاصقة، بين أحمد سامى وشقيقه الصغير”سمير”وقد أحسن تربيته وتنشئته ، و قصد المؤلف أيضاً أن يكون شقيقه طفلاً يتيماً، ولا تستطيع والدته أن تكفله، حتى يكون “أحمد” هو ولى أمره وسنده الوحيد، بل ويُعِد له ما يعينه بعد ذلك على خوض غمار الحياة وحيداً.
“حكاية حب” أخرى مصاحبة ، أخلص فيها الزميلان الجاران الصديقان”أحمد سامي” و “رفعت السناكحلي” أو فريد عصره الفنان “عبد السلام النابلسي” الذى حرص أيضاً كاتب القصة أن يكون وحيداً بلا شريك واحد لحياته، وكانت الثقة بين الصديقين عميقة ومتناهية ، من بداية التوصية بإعداد “الفول النابت المسلوق والرنجة المشوية”، حتى مشهد المطار “الرامز” الذى يتولى فيه “رفعت”أمر “سمير” قبل أن يظهر “أحمد”على سلم الطائرة، عائداً من رحلة علاجه .
“حكاية حب” مفاجئة بين الطبيب الشهير وأحد مرضاه، حينما رأى الطبيب بنفسه كيف ضحى هذا المريض، بآخر أيام سعادته حتى ينقذ إنساناً يحبه من ذكريات قد تؤلمه طويلاً ، بعد زمناً قصيراً قد يحياه سعيداً.
وأعتقد أن فى هذا إجابة على سؤال ظل محيِّراً ، لماذا الطبيب الشهير هو خالها وليس والدها ؟ ولماذا يعيش فى هذا القصر الكبير وحيداً ؟ هل كان المؤلف يشير إلى أن الطبيب قد وجد إبناً محباً سامياً يخلفه، ويطمئن معه على إبنة شقيقته.
“حكاية حب” غريزية للحياة كلها والتمسك بالأمل رغم كل معاناة ، شدا فيها “حليم” -بإحساسه الذى لن يتكرر-بأصدق وأجمل كلمات وألحان لمرسي جميل عزيز وكمال الطويل.
لو كان بإيدى كنت أفضل جنبك
وأجيب لعُمري ألف عُمْر وأحبك.
ز. خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة السابق