أعلن الجيش الاسرائيلي فجأة، سحب قواته البرية من جنوب قطاع غزة معلناً انتهاء عملياته هناك.كيف يُمكن أن نفهم هذا الانسحاب وتهديد لبنان على أثره، وهل فعلاً ستتم مهاجمة لبنان؟
1- ينسحب الجيش الاسرائيلي من خان يونس بعد 4 أشهر من عملية برية قال سابقاً أنها تحتاج الى شهرين، مع العلم أنها لم تؤدِ الى انتصار عسكري، اذ لم تنهِ حماس والمقاومة الفلسطينية في خان يونس، ولم تتخلص من الانفاق بدليل العمليات الاخيرة التي استمرت لغاية اليوم الاخير قبل الانسحاب.
وعليه، اذا كانت خان يونس، البقعة الصغيرة جغرافياً والمحاصرة لم يستطع الجيش الاسرائيلي أن ينهي المقاومة فيها ب 4 أشهر، فإن حرباً على لبنان ستأخذ سنوات طوال، ولن تحقق شيئاً وسوف تؤدي الى عملية استنزاف كبيرة للجيش والمجتمع والاقتصاد الاسرائيلي ككل. مع العلم أن قدرات حزب الله البشرية والصاروخية والعسكرية اكبر بكثير، ولديه عمق استراتيجي تفتقر له المقاومة في فلسطين.
2- يوماً بعد يوم، يكشف الوهن داخل اسرائيل حيث هناك انقسام سياسي داخل الكابينت الاسرائيلي نفسه، وانقسام بين المستوى العسكري والسياسي، وانقسام بين اليمين وباقي الاطراف السياسية، وبينهم وبين الجيش، اذا يقوم اليمين الاسرائيلي بانتقاد انسحاب الجيش من غزة، معتبراً أن على الجيش ان يبقى في غزة لاعادة المستوطنات واعادة اختلال القطاع وتهجير سكانه.
هذا مع العلم أن اليمين الاسرائيلي، الاحزاب الدينية التي تستند قاعدتها الشعبية على الحريديدم، يتهربون من الخدمة العسكرية بحجة دراسة التوراة، ويتظاهرون الآن رفضاً للخدمة العسكرية الاجبارية، ويهددون بالرحيل في حال فرض القانون عليهم الدخول في الجيش.
3- يقوم الاسرائيلي بتهديد لبنان والادعاء انه انتقل من الدفاع الى الهجوم، مع العلم أن الكلفة البشرية والعسكرية والمادية التي تكبدتها اسرائيل في “الحرب المحدودة” مع لبنان كبيرة باعتراف الصحافة والمحللين الاسرائيليين، فكيف يمكن أن يتحمل الاقتصاد الاسرائيل والمجتمع الاسرائيل سقوط آلاف الصواريخ على كافة أنحاء فلسطين المحتلة في حال الحرب المفتوحة، وكم هي أعداد الاسرائيليين الذين سيقررون الهجرة بلا عودة؟
وفي النتيجة، يجب الاخذ بعين الاعتبار الكلفة والمردود لعملية كهذه ضد لبنان، ومدى القدرة على التنبؤ أو ضمان النتائج. الاكيد ان الكلفة ستكون هائلة على الكيان، والنتائج غير مضمونة، ولا يمكن التنبؤ بمدى قدرة الاسرائيلي على جني مردود من تلك العملية في لبنان، لذا من المرجح ان لا يكون هناك مغامرة اسرائيلية على لبنان، لا تحظى بدعم أميركي ولا يريدها الجيش الاسرائيلي بالرغم من التصريحات و”البهورة” السياسية.