انتشرت في العقود الأخيرة منصات تليفزيونية كثيرة يتم الإشتراك فيها بدفع مبالغ متباينة في القيمة.
ومعروف لدينا منصات مثل شاهد؛ نتفليكس، وأخيرا قدمت مصر منصة Watch It.
المهم أن تلك المنصات أصبحت لديها قدرة علي انتاج أفلام ومسلسلات بتمويل منها، فهي لديها القدرة المالية من حصيلة الإشتراك والتي يقوم المشاهدون بدفعها شهريا أو سنويا.
وقد أثار فيلم أصدرته منصة نتفليكس منذ فترة عن كيلوباترا الملكة المصرية حيث صورها علي أنها من أصول أفريقية.
لفت هذا الفيلم نظر المثقفين والمتابعين للشأن العام والمهتمين بتاريخ مصر العظيم والطويل؛ محاولات القفز علي التاريخ المصري القديم.
ودار جدل حول هذا الفيلم انتهي إلي لاشيء؛ فلا المنصة منعت الفيلم، ولا تغير شيء في دخل المنصة!
ولكن هذا يجب أن يلفت النظر إلي تلك المنصات التليفزيونية؛ فبعد أن هدأ غبار المعركة، يجب قراءة المشهد الحقيقي بعيدا عن الإنفعال والتحيز.
القفز والاستيلاء على التاريخ المصري أو التمسح به قديم وهناك مئات وآلاف الدعاوي التي تحاول أن تثبت أن لها صلة به من قريب أو بعيد.
في عام ١٩٦٣ تم انتاج فيلم كليوباترا في هوليوود وقامت الممثلة المشهورة والجميلة اليزابيث تايلور بدور الملكة وإخراج جوزيف مانتيفيكس.
تكلف الفيلم وقتها ٣١,١ مليون دولار وانتجته شركة استديوهات القرن العشرين 20th. Century Studios وتم توزيعه من خلال شركة فوكس مع الشركة المنتجة.
بلغت الإيرادات من هذا الفيلم حوالي ٥٥ مليون دولار في أمريكا وكندا، بينما يرجح أن تصل الإيرادات من التوزيع العالمي ما يفوق ٣٠ مليون دولار.
ولكن شتان بين جودة فيلم كيلوباترا القديم والذي حاز علي أكثر من جائزة أوسكار أفضل تصميم انتاج سينمائي؛ أوسكار أفضل تصوير سينمائي ملون؛ و أوسكار أفضل تصميم ملابس؛ وأوسكار أفضل تأثيرات بصرية.
خمسة جوائز أوسكار حصدها فيلم أمريكي عن ملكة مصرية!
اوليس نحن أولي بهذا العمل ودرجة إتقانه وتقديم التاريخ المصري بشكل لائق؟
اللغط الذي تم حول إعادة إنتاج نفس الفيلم مع أفرقة الملكة هي محاولات الأفروسنتريك لتزييف تاريخ مصر القديم.
وهذه ليست المحاولة الأولي ولن تكون الأخيرة، ففي بعض الكتابات العبرية ادعاءات بأنهم بناة الأهرام حيث أنهم كانوا مستعبدين في مصر وقت فرعون الخروج.
وفي أوروبا مطلع هذا القرن كانت هناك محاولات من الغرب وهجوم شامل علي الدكتور زاهي حواس للحفر تحت أبو الهول تحت حجة أن هناك حجرة الأسرار تحت أبو الهول.
وكنت أتابع النقاشات والهجوم علي دكتور حواس من علماء من أمريكا وانجلترا وفرنسا وألمانيا؛ وكان الدكتور حواس مناظرا جيدا وبحجج علمية أبطلت ادعاءاتهم.
فما هي قصة حجرة الأسرار تحت تمثال ابو الهول؛ الغرب يريد أن يتمسح بالحضارة المصرية القديمة، فيدعون أن من قام ببناء الأهرامات هم علماء أتلانتا المفقودة حيث هاجروا إلي مصر قبل غرقها واختفائها في المحيط.
وأنهم بنوا تلك الإهرامات بعلوم أتلانتيس، وأن الغرفة التي تحت أبو الهول تحتوي علي وثائق الأتلانتس!
شيء عجيب، أن يتصارع الناس معدوموا التاريخ علي الإنتساب بشكل أو آخر إلي أقدم حضارة عرفها التاريخ!
وأصحاب التاريخ المصري لا يشغلهم الأمر علي الإطلاق!
وقد لوحظ المحتوي الفكري لتلك المنصات فهي تروج الخرافات ولتغريب الثقافة المصرية الأصيلة والراسخة عبر أزمنة ضاربة جذورها في التاريخ.
فنجد محاولات سرقة تاريخ أمة غافلة لينسبوا إلي أنفسهم أية لمحة حدثت لهم في مصر.
بينما مصر كانت مهد الحضارات، وحاضنة العلوم والفلسفة والطب وعلوم الفضاء وعلوم الكيمياء والفيزياء.
وقد يتعجب البعض من أن المصريين القدماء كانوا أول من أنتج طاقة كهربائية لاسلكية؛ ولمبة دندرة مازالت محفورة علي جدران معبد دندرة.
بل إن هناك من الباحثين يؤكدون أن أديسون زار مصر ومعبد دندرة قبل أن يكشف عن المصباح الكهربائي؛ وأنه كان قادرا علي انتاج كهرباء لاسلكية ولكن الشركات أوقفت أعماله.
هذا تاريخ بلادي
فمن له مثل بلادي.
د. محمود عبد الغني