حفظت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على الألحان الفرعونية واستخدمتها في صلواتها بعد ان جعلت الألحان بكلمات وإيمان مسيحى لحفظ العقيدة والايمان الكنسي.
بشهادة الفيلسوف السكندري “فيلون”المولود عام 20م، اتخذت لطقوسها المسيحية ألحانًا فرعونية موروثة ووضعت عليها العقيدة الايمانية الخاصة بالكنيسة.
واحتفظت الكنيسة بنفس أسلوب الأداء والترتيل، وكان ترتيليًا بنفس أسلوب ” المردات ” المستخدم حتى الآن في الأداء الكنسي القبطي.
ويرى العالم الأثري الشهير “دريتون” أن مفتاح الموسيقى الفرعونية موجود بالنص في الموسيقى القبطية، التي لا تقدر بثمن والتي تعتبر أقدم موسيقات فى الدنيا، قد حفظته الكنيسة القبطية.
وعندما دخلت المسيحية في مصر، علي يد القديس مار مرقص، لم يتجاهل الموسيقي والتراث والعادات المصرية، بل رحب بها وترك المصريين يستفيدوا بها فى طقوسهم داخل الكنيسة.
الكنيسة المصرية عبر العصور صاغت الايمان وفسرته وقدمته للعالم المسيحى وقتها حتى سنة ٤٨٥ م ، كانت كنائس العالم تنتظر كلمة بابا مصر فى كافة أمورها، وتخرج من مصر مواعيد عيد القيامة للاحتفال بها.
لم تبدل الكنيسة العادات المصرية أو الموسيقى المصرية التي كانت منتشرة بين المصريين، فى الوقت التى تحول فيه غالبية الشعب المصرى إلى الديانة المسيحية، بل وظفت هذه العادات بشكل يعمق ايمان المصريين بعقيدتهم الجديدة.
شجعت الكنيسة على استخدام الموسيقى بطريقة كنسية، وحولت كلمات ألحان مصرية قديمة جميلة إلى نصوص إيمانية مسيحية بذات الحنّ المستخدم مثل “بيك إثرونوس”، و “جولجوثا”، و “إبؤور”، و “الفرايحى”، .
وسجل الشاهد مرة أخرى في تاريخ يوسيبيوس أن الأقباط قد احتفظوا بموسيقاهم من أجدادهم وخاصة الموسيقى الدينية. وعن طريق التواتر عرفنا أنه توجد بعض الألحان الفرعونية الأصلية مثل لحن “الجلجثة ” أو جولجوثا الذي يرتل بعد صلاة الساعة الثانية عشرة من الجمعة العظيمة، مع طقس دفن صورة المسيح المصلوب (كوسيلة إيضاح لدفن جسده بعد اتمام عمل الفداء بالصلب) وهو من حيث الموسيقى والنغم نفس اللحن الذي كان يستخدمه الكهنة الجنائزيون أثناء عملية التحنيط.
كذلك اللحن “السنجاري” المسمى باسم بلدة “سنجار” القديمة التي كانت في شمال مديرية الغربية، والتي كانت تحيطها الأديرة في العصر القبطي، كما كانت لها شهرتها في عصر الفرعون رمسيس الثاني (1301-1355 ق.م).
بالإضافة إلى اللحن الأدريبي، ربما يكون منسوبًا لمدينة أدريب في شمال بنها. وهناك رأي آخر يقول إنه سُمِّيَ “أدريبي” نسبةً لكلمة “اترهيبي” القبطية وتعني “حزن”.
وأيضًا، هناك لحن “بيك إثرونوس” بمعنى “عرشك يا الله إلى دهر الدهور” الذي يُرتل كنسيًا في الساعة الثانية عشرة يوم الجمعة العظيمة، مصاحبًا لطقس زفاف السيد المسيح إلى القبر، ومن القبر إلى العالم السفلى لكي يقتحم الجحيم، وينتقل بآدم وذريته إلى الفردوس بعد أن تتم مهمة الفداء لهم بالصلب.
وهو نفس اللحن الذي كان يُستخدم في زفاف الفرعون عند موته، حيث “ينزل من القبر إلى مركب الشمس ليدور مع الشمس في الخلود والحياة الدائمة”.
وهناك لحن آخر يقال إنه فرعوني الأصل وهو “إبؤورو الفرايحي”. ويقال إنه كان يتلى عند دخول الملك، ويؤكد البعض أن مطلع كلمات اللحن لم تتغير منذ أيام الفراعنة: “يا ملك السلام، اعطنا سلامك، قرر لنا سلامك”. ويُذكر في العديد من الدراسات أن الألحان القبطية مأخوذة من اللحن الفرعوني.
وهناك مثال ” العريف او المرتل “يضع يده على أذنه، وجدت رسومات على جداريات معابد فرعونيه للمرتل يضع يده على أذنه، واستخدموا ذات الالات الموسيقية المستخدمه في العصر الفرعوني مثل الصنوج والمثلث.
فى احد السنوات قام كورال من معهد الدراسات القبطية وهو معهد دراسات كنسي يهتم بتدريس العلوم الكنسية، وهدف الكورال لإثبات أن الألحان القبطية هي بنت الموسيقى المصرية القديمة.
ولأثبات ذلك زاروا معبد حورس في إدفو، وهو واحد من المعابد المكرسة للاحتفالات الدينية التي احتفظت بمعالمها بدون تغيير.
وهدفوا من وراء ذلك للتأكيد على أن توزيع الموسيقى القبطية يتوافق مع تقسيم المعبد الفرعوني وأماكن الفراغ فيه.
وبالفعل، نجحت التجربة وصدحت أصوات الآلات الموسيقية في أرجاء المعبد، الذي يعد ثاني أكبر معبد فرعوني في مصر من حيث المساحة.
وقال العالم الرياضي نيكوماديس، الذي عاش في القرن الأول الميلادي، أن أصوات كل واحد من السبعة كواكب التي يعرفها قدماء المصريين (عطارد، الزهرة، المريخ، المشترى، زحل، الشمس، القمر) تنتج صوتًا يقابل حرفًا من الحروف السبعة المتحركة اليونانية.
وهذا هو نفس الأسلوب المتبع في الكنيسة القبطية حتى يومنا هذا، حيث يُرتل العديد من ألحاننا على حرف واحد مثل لحن “اللي الكبير الكيهكي” ولحن “اللي القربان”، فكلا اللحنين يُرتلان على حرف الألف.