تم ترجمة ودبلجة مسلسل الحشاشين إلي اللغة التركية واللغة الفارسية، وترجمة ودبلجة المسلسل إلي اللغة الروسية وكذلك تم ترجمة أجزاء إلي اللغة السويدية في إطار برنامج تحليلي.
وهذا يعتبر عودة جزئية للدراما المصرية كقوة ناعمة، بعد توقف دام عدة عقود.
هذا يؤكد أن الوعي الجمعي مازال يتمتع باستقامة الذوق الفني والحس الحقيقي مع التفريق بين ماهو غث وماهو سمين.
يجب إنهاء سيطرة رأس المال التي بدأت مع اختفاء دور الدولة في نشر الوعي؛ فتم ترك تشكيل الوعي لأفلام ماسخة وباهتة ومسلسلات مملة ومسرحيات لاتحمل أي محتوي سوي هز البطن وبعض مناظر اللحم الرخيص و العلاقات الرخيصة.
يجب الإكتتاب لعمل شركات وطنية تكرر أعمال مثل كلبش والإختيار بأجزائهم المختلفة.
نحن لدينا تاريخ حافل بالبطولات الجبارة؛ ودائما ما أسائل نفسي لماذا لانقوم بعمل أفلام عن حرب ١٩٤٨, والبطولات التي تمت بها ولدينا مذكرات الفريق كمال حسن علي وذكرياته عنها إضافة إلي مصادر أخري تاريخية عربية وعبرية.
لماذا لانذكر تاريخ المقاومة للإحتلال الإنجليزي لمصر رغم أن لدينا أبطال من الشباب تصل إلي آلاف الأبطال؛ تم تعذيبهم وقتلهم ودفنهم في الصحراء. ولم يعلم عنهم أهلهم شيئاً.
لماذا لانكتب عن حرب ١٩٥٦ وبطولة الجيش والمخابرات وكل فئات الشعب في مدن القناة ولدينا تسجيل حي لكل تلك الأحداث.
أن فيلم ناصر ٥٦ كان رائعا ولكنه كان لمحة ضوء في تاريخ ناصع يبرز قوة الشعب وتلاحمه مع الجيش.
لماذا لانعمل الف فيلم لأكثر من ألف يوم في حرب الاستنزاف وبطولات تفوق الخيال لها أبعاد عسكرية واجتماعية ويمكن الحصول على كل تفاصيلها.
لماذا لانصنع أفلام عن قاهر الساتر الترابي اللواء باقي زكي ورفاقه في سلاح المهندسين العسكريين؟
لماذا لايوجد فيلم عن عبد العاطي قاهر الدبابات بصواريخ ساجر أو فيلم يحمل لقب كتيبة الصواريخ م.د. المشهورين داخل الجيش ب”عفاريت عبد الجابر”؟
لماذا لا تنفذ أفلام مثل الكتيبة ٤١٨ الذي تم إنتاجه بتكلفة قليلة جدا علي جودة وإنتاج الفيلم وبجهود جماعية من مجموعة ٧٣ مؤرخين.
هذا في تاريخ مصر الحديث، إضافة إلي النضال السياسي لرموز مصر من ١٨٨٧- ١٩٥٢ ومظاهرات الطلبة والطالبات وخروج المرأة للمظاهرات وإصابة وقتل عدد كبير من الشباب والنساء.
كل فرد من هؤلاء له قصة عظيمة تصلح لأكثر من فيلم.
وأما عن التاريخ القديم، فمن له تاريخ مثل تاريخ مصر؟
من عصر النوترونات قبل ٣٠ الف عام إلي عصر الأسرات والبطالمة والهكسوس والعصر المسيحي والروماني والإغريقي….. الخ
نحن نستهين بتاريخ مصر؛ بينما رعاة البقر من لهم تاريخ لا يتجاوز ٢٥٠ عام قاموا بعمل أفلام ومسلسلات مجدوا فيها جرائمهم في إبادة الشعب الأمريكي الأصلي سكان الأرض “الهنود الحمر”.
ومجدوا العصر الروماني ومسلسلات عن هرقل وآلهتهم الوثنية وقبائل الفايكينج، وحروب أوروبا!
مئات الأفلام وآلاف المسلسلات تذكر تاريخا مستعارا لأمة بلا تاريخ؛ بينما أصحاب التاريخ يعيشون “عصر المسخرة” فنجد عشرة أجزاء لمسلسل مثل “الكبير” ماهي القيمة التي يقدمها؟
لاشيء.
هل عقمت مصر عن أن تجد من أبنائها كتاب تاريخ محقق ومصحح؟
هل عقمت مصر أن تجد كاتب سيناريو يؤكد علو قيمة الكلمة والحوار بين أبطال الرواية؟
تلك مسألة يجب أن يجتمع كل أفراد الشعب حولها لنجدد وعي شبابنا ونوثق تاريخنا، وإذا لم توجد شركات لإنتاج هذه الأعمال يتم الإكتتاب لإنشاء شركات تنتج هذا التاريخ العظيم.
كلي ثقة أننا نستطيع!
د. محمود عبد الغني