تحدث الرئيس السابق دونالد جيه ترامب هاتفيًا مؤخرًا مع الأمير محمد بن سلمان، وهي أول مكالمة تم الكشف عنها منذ ترك السيد ترامب منصبه في يناير 2021، وفقًا لشخصين مطلعين على المناقشة وغير مخولين بالتحدث علنًا حوله.
ولم يكن من الواضح ما الذي ناقشه الرجلان وما إذا كانت هذه هي محادثتهما الوحيدة منذ مغادرة السيد ترامب البيت الأبيض ولم يستجب ممثلو السيد ترامب ولا أي مسؤول في الحكومة السعودية لطلبات التعليق.
لكن الأنباء بشأن مشاوراتهم تأتي في وقت تنخرط فيه إدارة بايدن في مفاوضات حساسة مع السعوديين تهدف إلى إقامة سلام دائم في الشرق الأوسط، بناءً على العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وعدد من الدول العربية التي أقيمت من خلال عمل إدارة ترامب.
إذا تمكن الرئيس بايدن من التوصل إلى صفقة ثلاثية ضخمة – والتي من المحتمل أن تشمل اتفاق سلام سعودي إسرائيلي، والتزام إسرائيلي بحل الدولتين، ومعاهدة دفاع أمريكية سعودية، وتفاهمات أمريكية سعودية بشأن برنامج نووي مدني في المملكة العربية السعودية سيحتاج إلى دعم ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ للتصديق على المعاهدة الأمريكية السعودية.
ومن المحتمل أن يقوم السيد ترامب، باعتباره المرشح الجمهوري المفترض الذي يتولى القيادة الصارمة لحزبه، إما بعرقلة أي صفقة أو إعطاء الضوء الأخضر للجمهوريين في الكونجرس.
ولدى السيد ترامب أسباب أخرى للحفاظ على علاقات دافئة مع الأمير محمد، أقام الرئيس السابق وجاريد كوشنر، صهره والمستشار الكبير السابق للبيت الأبيض، علاقات وثيقة مع ولي العهد أثناء وجودهما في منصبه واستفادا من حسن النية في أعمالهما الخاصة منذ تركهما الحكومة.
وكانت السعودية المحطة الأولى في أول رحلة خارجية للسيد ترامب كرئيس – وهي علامة على القيمة التي يوليها السيد ترامب للعلاقة بين البلدين وتابع السيد ترامب صفقات كبيرة مع السعوديين، بما في ذلك مبيعات الأسلحة، ودافع عن الأمير محمد في اللحظة التي تعرض فيها لأكبر ضغوط دولية، بعد ان خلصت وكالة المخابرات المركزية إلى أن ولي العهد أمر بقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي عام 2018.
ووصف ترامب الأمير محمد بعد تسعة أشهر من جريمة القتل، بأنه “صديق لي” وأشاد بـ “العمل المذهل” الذي قام به في تحرير قوانين السعودية، بما في ذلك السماح للنساء بقيادة السيارة.
وقال السيد ترامب للصحفي بوب وودوارد أثناء وجوده في منصبه، “لقد أنقذت مؤخرته” عندما كان الأمير محمد يتعرض لانتقادات شديدة من المسؤولين في الكونجرس الأمريكي مضيفًا “لقد تمكنت من إقناع الكونجرس بتركه وشأنه.. لقد تمكنت من جعلهم يتوقفون”.
من جانبه، وعد بايدن خلال حملته الانتخابية عام 2020 بمعاملة الأمير محمد باعتباره “منبوذاً” بسبب مقتل السيد خاشقجي، ولكن بمجرد توليه منصبه، خلص إلى أنه من غير المستدام تهميش ولي العهد السعودي، وسياساته وسعى فريقه إلى إصلاح العلاقة الممزقة.
وقد استفاد السيد ترامب من علاقاته السعودية منذ أن ترك الرئاسة، وفي الوقت نفسه الذي كان يستعد فيه للإعلان عن حملته الرئاسية، في نوفمبر 2022، كانت منظمة ترامب تضع اللمسات الأخيرة على صفقة مع الحكومة العُمانية وشركة سعودية لتطوير عقاري يحمل علامة ترامب التجارية بمليارات الدولارات في عُمان.
وعمل السيد ترامب أيضًا مع صندوق الثروة السيادية السعودي لاستضافة جولة ليف جولف المدعومة من السعودية في بعض ملاعب الغولف التابعة له.
وقد استفاد السيد كوشنر من دعم الأمير محمد على نطاق أوسع فبعد ستة أشهر فقط من تركه الحكومة، حصلت شركة الاستثمار التابعة للسيد كوشنر، أفينيتي بارتنرز، على ملياري دولار من صندوق الاستثمار العام السعودي، فيما تم وصفه في الوثائق الداخلية بأنه “علاقة استراتيجية” مع السيد كوشنر.
وكانت لجنة من مستشاري صندوق الثروة السيادية السعودي قد أوصت بعدم الاستثمار مع السيد كوشنر، بحجة افتقاره إلى الخبرة، لكن الأمير محمد نقض تلك التوصيات.
ولي العهد السعودي ليس الزعيم الأجنبي الوحيد الذي تعامل معه السيد ترامب مؤخرًا فقد استضاف الشهر الماضي رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في منتجعه مارالاجو في فلوريدا لعقد اجتماع، وهو الثاني الذي يعقدانه في العامين الماضيين.
وقال شخص مقرب من السيد ترامب إن السيد أوربان هو الذي سعى إلى عقد الاجتماع.
في بعض مؤتمراته الانتخابية، أشاد ترامب بأوربان – الذي تعرض لانتقادات بسبب تآكل المؤسسات الديمقراطية في المجر – باعتباره زعيمًا قويًا مثيرًا للإعجاب.