حكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تركيا طيلة القرن الحادي والعشرين تقريباً، لكن الناخبين أشاروا يوم الأحد إلى أن صبرهم على أساليبه الاستبدادية وسياساته الاقتصادية غير الكفؤة ربما يقترب من نهايته، حيث هيمنت المعارضة على الانتخابات المحلية في افضل أداء لها منذ جيل.
في سباق الأحد الكبير، فاز عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو بولاية ثانية بأغلبية ساحقة، متغلباً على المرشح المفضل لأردوغان، بنسبة 51% مقابل 40%.
لقد أراد أردوغان باعتباره عمدة سابق لبلدية إسطنبول، الانتقام من السيد إمام أوغلو، وهو شخصية شعبية يتجاوز دعمها المعارضة العلمانية المعتادة، وكانت حكومة أردوغان قد استخدمت جريمة اهانة ملفقة لمنع السيد إمام أوغلو من تحدي الرئيس التركي في انتخابات العام الماضي على لمنصب الرئيس، وقد أدى هذا التنمر إلى نتائج عكسية في سباق رئيس البلدية.
كما انتزع حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي يتزعمه إمام أوغلو السيطرة على المجلس البلدي من حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي كان قد عرقل عمل إمام أوغلو خلال فترة ولايته الأولى.
تعزز الانتخابات مكانة السيد إمام أوغلو باعتباره أقوى منافس للسيد أردوغان ويتمتع بقوة ساطعة قد توحد المعارضة.
في العاصمة أنقرة، تفوق عمدة حزب الشعب الجمهوري الحالي منصور يافاش على مرشح حزب العدالة والتنمية بنحو 29 نقطة مئوية، وقلب حزب الشعب الجمهوري سيطرته على مدينة بورصة، حيث خسر رئيس بلدية حزب العدالة والتنمية الحالي ألينور أكتاش بنسبة 10 نقاط مئوية، وتتولى المعارضة الآن رئاسة البلدية في 35 مدينة من أصل 81، مقارنة بـ 21 مدينة في عام 2019، وسيحكم عمدة من حزب الشعب الجمهوري جميع البلديات الخمس الكبرى في تركيا.
لدى الناخبين أسباب وجيهة للتصويت ضد حزب السيد أردوغان، فقد بلغ معدل التضخم السنوي 67% في شهر فبراير وحده، حيث قام الرئيس بدفع البنك المركزي لتحفيز الاقتصاد وأفاد البنك الدولي الشهر الماضي أن التضخم الاسمي للمواد الغذائية في تركيا هو رابع أسوأ تضخم في العالم بنسبة 71% على أساس سنوي، ولا يتجاوزه في السوء سوى الأرجنتين ولبنان وزيمبابوي.
هذه الأرقام لا تشير أننا أمام بلد سعيد.
كما يحمّل الناخبون الحكومة مسؤولية الاستجابة البطيئة وغير الكفؤة لزلزال عام 2023، وأنها أخفقت كثيرًا في الوفاء بوعودها بإعادة بناء المنازل للناجين.
لقد استخدم الرئيس مزيجاً من القومية والشعبوية الإسلامية لإثارة الجماهير، لكن هذا قد لا يكون كافياً للتغلب على الحكم الفاشل.
قال أردوغان يوم الاثنين إنه “سيدرس أسباب هذه الانتكاسة”، ولكن حتى وهو في السبعين من عمره، فإنه لن يتخلى عن السلطة بسهولة، فخلال فترة حكمه التي استمرت 21 عامًا كرئيس للوزراء ثم رئيسًا، استخدم السيد أردوغان سلطته لإضعاف البرلمان وتعزيز السلطة التنفيذية والسيطرة على السلطة القضائية، كما قام بتطهير الجيش من المعارضين واستهدف زعماء المعارضة والصحفيين والنقاد بموجب القوانين التي تحظر إهانة الرئيس أو نشر “معلومات مضللة”.
إن تركيا تحتاج إلى حكم أفضل، ويحتاج الغرب إلى حليف أفضل في حلف شمال الأطلسي في أنقرة.
لقد اشترى السيد أردوغان الذي لا يمكن التنبؤ به دفاعات صاروخية من فلاديمير بوتين على الرغم من اعتراضات الولايات المتحدة، وكان صديقًا مزعجًا لأوروبا والولايات المتحدة، بما في ذلك عبر قيامه باعتقال الأمريكيين بتهم مشكوك فيها.
تشير نتائج يوم الأحد إلى أن الديمقراطية التركية لم تمت بعد.