جدل كبير حول تاريخ بداية جهاز المخابرات العامة المصرية في العمل، هل هو ١٩٥٤م أم في عام ١٩٥٦م؟
ولأن الجهاز محورًا رئيسيًا في تاريخ مصر الحديث، بحثًا عن الإجابة وهي ١٩٥٤م، كما رصد كتاب المخابرات العامة للمؤلف اللواء الدكتور عادل شاهين، وكيل جهاز المخابرات العامة السابق، أن البداية كانت في عام ١٩٥٤م بعد ثورة ١٩٥٢م بعامين، كإحدى الإدارات التابعة لجهاز المخابرات الحربية، وأُسست أول مكتب لها في مدينة الإسماعيلية التي كان بها مقر أكبر قاعدة للجيش البريطاني في الشرق الأوسط.
عمل هذا المكتب على دعم المقاومة الشعبية في مدن القناة ضد المستعمر الإنجليزي، ثم تأسس في العام التالي مكتب مخابرات السويس الذي جمع الفدائيين ودربهم، وكان يقوم ضباط المخابرات بقيادة عمليات نوعية ضد الإنجليز لحثهم على الرحيل من مصر.
وفي عام ١٩٥٦م بدأ جهاز المخابرات العامة في العمل مستقلًا ويتبع رئيس الجمهورية مباشرة، وكان الرئيس جمال عبد الناصر يتابع عمل الجهاز بنفسه من خلال تقارير يومية.
وأعتقد أنا شخصيًا أن ذلك تم عدد من العمليات التي قامت بها المخابرات العامة، وقام الضابط الشاب محمد فائق، الذي أصبح وزيرًا فيما بعد، وقام لعدة ليالٍ متتالية باقتحام أرشيف المخابرات الإنجليزية الذي كان يقع في أرض “الحزب الوطني الآن”.
نجح الوزير محمد فائق (أطال الله في عمره)، في الحصول على وثائق مخابراتية من القاهرة مرسلة إلى لندن تتحدث عن الضباط الأحرار وسعي بريطانيا لعزلهم، وعندما وصلت هذه الوثائق إلى عبد الناصر ساعد ذلك موقف مصر في مفاوضات جلاء الإنجليز الذي تم بعد ذلك.
الذي لن يخبرك به أحد من المؤرخين أن عمليات المقاومة كانت بإشراف عبد الناصر شخصيًا، وكان يوجّه مكاتب المخابرات ويتابع العمليات يوميًا بنفسه، وسهل ذلك لهم بأنه أصدر تعليمات بأن يختار ضباط المخابرات في مدن القناة أسماء الأشخاص الذين يعينون محافظين.
نجح ضباط المخابرات في اختيار رؤساء المباحث الذين كانوا يتعاونون معًا، وللأمانة سبب قيام الجيش الإنجليزي بمحاصرة مبنى الشرطة والمحافظة في ٢٥ يناير ١٩٥٢م هو دعم الشرطة للفدائيين، وقيامها بتدريبهم وتقديم السلاح لهم، وذلك هو سر قيام الإنجليز بحصار قسم الشرطة، ودارت بينهم واحدة من أعظم عمليات الشرطة.
وفي هذا الحادث استشهد الملازم عبد المسيح عبد السيد الذي يتجاهله مؤرخو هذا الحادث،
وواصلت المخابرات هذا الخط النضالي، ودرب ضباط المخابرات أبناء مدن القناة، بل إن بعض رؤساء مكاتب المخابرات نزل بنفسه إلى أرض العمليات لقيادة المقاومة ضد الإنجليز.