في مقاربة أميركية غير معهودة سابقاً، تقدم ادارة بايدن الدعم المطلق وغير المحدود “لإسرائيل” في حربها في غزة، وتقدم لها السلاح الذي تقتل به الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه تحاول أن تحمّل نتنياهو المسؤولية.
ومن ضمن النظرة غير المحبذة لاستمرار نتنياهو في الحكم:
١- حذر بايدن من أن “نتنياهو يضر إسرائيل أكثر من مساعدتها”.
٢- زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي، وهو أكبر مسؤول يهودي أميركي منتخب وداعم “لإسرائيل”؛ تشاك شومر، دعا الى إجراء انتخابات جديدة في “إسرائيل”، وقال إن “نتنياهو يمثل عقبة أمام السلام”.
٣-أيّد جو بايدن ونانسي بيلوسي ما قاله شومر، بالرغم من تأييدهما السابق لكل ما تفعله “اسرائيل”.
٤- يتظاهر الآلاف من الاسرائيليين في تل أبيب، وهذه التظاهرات تشهد مستويين من المتظاهرين: منهم من يطالب باستقالة نتنياهو وتحميله مسؤولية ما جرى في 7 اكتوبر، وآخرون يطالبون بعقد صفقة مع حماس للإفراج عن الرهائن.
٥- تقرير مجتمع الاستخبارات الأميركي السنوي قال إن “قدرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على البقاء كقائد” هي “في خطر”، ويرد في نص التقرير: “لقد تعمقت واتسعت حالة عدم الثقة في قدرة نتنياهو على الحكم لدى الجمهور مقارنة بمستوياتها المرتفعة بالفعل قبل الحرب، ونتوقع احتجاجات كبيرة تطالب باستقالته وإجراء انتخابات جديدة.. إن تشكيل حكومة مختلفة وأكثر اعتدالاً أمر محتمل”.
٦- وحذر التقرير من أن “إسرائيل ستكافح من أجل هزيمة حماس عسكرياً”، وأكد النص أنه “من المحتمل أن تواجه إسرائيل مقاومة مسلحة مستمرة من حماس لسنوات قادمة، وسيكافح الجيش الاسرائيلي من أجل تحييد البنية التحتية تحت الأرض لحماس، والتي تسمح للمتمردين بالاختباء واستعادة قوتهم ومفاجأة القوات الإسرائيلية”.
وهكذا، يجد نتنياهو نفسه أمام مأزق مزدوج: داعمي “إسرائيل” من اليهود الأميركيين وادارة بايدن يريدونه ان يقدم تنازلات والسماح بالمساعدات ويقبل بالسير أو -أقله- الحديث عن حل الدولتين، لكنه في الداخل لا يستطيع أن يسوّق هذا لناخبيه ولحلفائه من اليمين الذين يهددون بالخروج من الحكومة وبالتالي القضاء على مستقبله السياسي.
يعتقد بايدن ونتنياهو أن التباين الكلامي بينهما يفيدهما شعبوياً، حيث يحاول بايدن أن يسوّق نفسه مناصراً لحق الفلسطينيين في المساعدات وحلّ الدولتين، وأنه يريد حلاً لكن نتنياهو لا يقبل، بينما يقول نتنياهو لليمين: أنا البطل الذي لا يرضخ للضغوط الدولية ولن يسمح بدولة فلسطينية..
لكن في النهاية، سترتد آلة الحرب “الاسرائيلية” وقتل الفلسطينيين على نتنياهو وبايدن معاً، وما هي إلا أِشهر حتى يجد الاثنان نفسيهما خارج الحكم، بالرغم من محاولاتهما الشعبوية