(٣)نأتي إلي الطب العربي، والذي يعود إلي عصور ماقبل الإسلام، فلقد تقدمت العلوم العربية بعد الإسلام وأخذت من كل حضارة زهرة بحوثها وعلومها وبنت فوقه بعلم وعمل.
ولقد سبق إلي الطب علماء عرب علي رأسهم الإمام الرئيس “ابن سينا” وكتابه الرائع “القانون”.
ومثله كثير ممن اشتهروا بعلومهم الجمة مثل جابر بن حيان وأبو بكر الرازي وأبو القاسم الزهراوي ….. والقائمة تطول.
فقد كتبوا مؤلفات في الطب والجراحة وعرفوا التخدير واكتشفوا الدورة الدموية وصنعوا الآلات الجراحية، وكانت كتبهم مرجعا للغرب لينهض من عصر ظلماته وجهله.
أما مايسمي بالطب العربي فهو بالأدق الطب البدوي، وهذه عادات بدوية انتشرت بين البدو وكانت تعالج بالأعشاب والكي والحجامة.
وعلي الرغم من تحريم نبي الإسلام للكي بالنار إلا أن البداوة خالفت أمر الرسول الكريم، ومن أقوالهم “آخر العلاج الكي بالنار”؛ وهذا سوف نعود إليه في مقال لاحق.
ولكن عود علي بدء نعود إلي الحجامة وهي طب عربي قديم ويقصد به فصد الدم”استنزاف الدم من الجسم”.
وهذا كان محدود الاستخدام علي أوجاع الرأس حيث يقل كمية الدم مع ارتفاع الضغط فينضبط ويقل الحمل علي القلب.
وكنا قديما نري كثيرا من أهالينا في الريف المصري شمالا وجنوبا أثر هذه العادة البدوية في الاستشفاء فنجد لها أثرا في جانب الرأس علي شكل ١١١ بناحية واحدة أو في ناحيتين.
وكان في الغالب يقوم بذلك حلاق الصحة باستخدام الموس أو باستخدام دودة العلق الطبي والتي تصيب الأغنام.
وهي دودة صغيرة تخترق جلد الإنسان وتمتص دمه فتنتفخ وتصوير مثل البالون.
ومع تقدم الطب في فترة الخمسينيات حيث تم بناء أكثر من ٢٧٥٠ وحدة صحية في الريف قبلي و بحري، واختفاء حلاق الصحة انتهت تلك الظاهرة.
ولكن مع اجتياح المد الوهابي البدوي بثقافته البدوية عادت تلك الظواهر التي كانت قد اختفت نتيجة لتقدم العلم.
ولكن مع بداية القرن الواحد والعشرين بدأ في الظهور عودة تلك العادات القديمة والتي تتمسح تارة بالطب وتارة بالدين.
بينما الطب والدين منهما براء، ولكن مع تغير وجه الثقافة المصرية وتلونها بعودة المصريين العاملين بدول الخليج بدأ ظهور عادات بدوية كثيرة من بينها أشياء نسبوها زورا وبهتانا للطب والدين.
وسوف نتابع في المقال المقبل مابدأناه.