الخفاش كائن غير مرغوب به لا يظهر فى النهار ويسكن فى جحور الظلام عكس طبيعة باقى المخلوقات حتى فى بقائه فى الحياة يعيش رأسه للأسفل وقدمه بالأعلى ورغم أنه يطير لكنه من الثديات وتكوينه وهئيته مزيج بين حيوانات وطيور مختلفه فلا تستطيع بسهوله تحديد هويته إذا كان مخلوق مسالم أم مؤذى
تحتار فى أمره كثيرا ولكنك فى النهاية لا تشعر بارتياح له حتى وأن تظاهر بالسكينة والهدوء فكم من جرائم ترتكب تحت ستار اجنحته السوداء الداكنة وأسنانه المشبعة بامتصاص الدماء وهى مختفيه داخل وجه القبيح وصوته المزعج المكتوم بين أركان الكهوف والأماكن المهجورة بعتمة الظلام الدامس وتلك مقاومات بقائه على قيد الحياة فهو يعلم بمجرد خروجه للنور ستكون النهاية المصيرية له
فكم من بشر يشبهون الخفاش فى نهج حياتهم وسطنا يظهرون فجاء فلا نعلم مصدر خروجهم فى طريقنا ويتظاهرون فى بدء الأمر أنهم معجبون بنا ولا يرغبون سوى فى مرافقتنا الطريق وهنا تسجل أول سطور الغدر والخيانة لمن أعطيته الأمان والثقة فليس له هدف غير أمتصاص دماء البشر هولاء أصحاب النوايا الحسنة الذين لم يفترضوا فيه الخسة والندالة كونهم لم يفعلوا شئ يضره متجاهلين الغريزة التى تسكنه ولا يغيرها أحد مهما فعل
ذاك الخفاش يمتص الدماء بطريقه عجيبه فيبدأ بالتقرب والتودد وكثرة السؤال عنك ويلتصق بك مخبئاً مقصده الخبيث لكى يعرف كيف يحصل على هدفه ومصلحته وكل دقيقة يرافقك بها تساوى نقطة دم من جسدك يتعايش ويتغذى عليها لاستمرار بقائه بجانبك حتى يقضى عليك تماما فحذرا يا صديقى أن تمنح ثقتك لاحد مهما تقرب منك وعندما تشعر أن هذا الكائن يستنزفك أبتعد عنه فوراً
وحتما عندما يشعر الخفاش بكشفك لأمره سيتظاهر بالمرض والعجز كونه لا يستطيع أن يعيش بدونك (وهنا أقصد بدون دمائك) وهنا الفخ فى الرهان على رحمه قلبك به فتتعاطف معه وتقرر أن لا تتركه حتى لا يصيبك أحساس الندم أنك لم تشفق على هذا الخفاش الضعيف وأنت لا تبالى أن موقفك هذا النبيل سيكون مقابله طعنك بأنيابه لاستنزاف دماء قلبك
ويستمر مسلسل الشر يوما فيوما لسحب دماء جسمك لمن وهبته ثقتك حتى تشعر أن جسدك قد أنهك ولم تعد به نقطة دم واحده فهو من غلاظه قلبه وقسوة طمعه فيك سعى أن يحصل منك على كل شى حتى شريان حياتك فلا فائده منه بعد أن أمتصّ دمائك الثمينة والتى فاقت أحتياجه للبقاء !!
ولا تتعجب أذا جاء ذلك الخفاش مدعياً أنك الذى أذيته لأنك لم تمنحه دمائك وأنه يضجر عطشاً فلا يوجد بجسدك حتى نقطة الدم التى تروي ظمأه بعدما أمتصها حتى الرمق الأخير ولم تعد أنيابه تستقى منك شئ كما كان يعتاد ويذهب بصوته القبيح يعوى على الطريق ليشهد المارة عليك وأنه ضحيتك وليس العكس لكى يوقع فريسه جديدة له تمنحه فرصة أخرى للحياة بدمائها
فإياك وإياك يا من تتفهم حكمة الحياة أن تجعل خفاشاً يقترب إليك أعتقاداً أنك ستغير غريزته من كثرة الكرم والمنح فالخائن خائن وأن ملك الملك منك ولا تأخذ بالمسكنة والهدوء فالستار الأسود بين أجنحته يجمع كل الشر لك ولا تنخدع بالاستعطاف والمتاجرة بأمراض وهميه حتى لا يؤخذ عليك سذاجه عقلك فلكل مخادع أدواته وحينئذ قم من غفلتك وتعافئ بنفسك لنفسك وأتركه حتى يتعطش لدمائك ولا يجدها فيموت شر الميتة داخل وكر الظلام الذى كان يسكنه قبل أن يعرفك وأختتم أمره بفلسفة الدنيا من عاش على دماء غيره مات بدمه.