كتبت: أناستاسيا بوتينكوفا – برافدا الروسية
تم تأجيل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا، التي كانت مقررة في الأيام القليلة المقبلة، إلى موعد لاحق في أبريل أو مايو، بحسب ما أعلنت الرئاسة الروسية “الكرملين”. ولم يتم تحديد السبب الرسمي للتأجيل، لكن مصادر مطلعة أشارت إلى عدة عوامل اقتصادية وسياسية تقف وراء القرار.
وجاء التأجيل بمثابة مفاجأة للجانب التركي، الذي كان يتطلع إلى اللقاء الثنائي بين بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، لبحث عدة ملفات مهمة تتعلق بالتعاون الاقتصادي والتجاري والطاقي والأمني والإقليمي بين البلدين. وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في وقت سابق من هذا الأسبوع إن الزعيمين اتفقا على جدول الأعمال الذي سيتضمن مواضيع مثل مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي “السيل التركي” والوضع في أوكرانيا وسوريا وليبيا والقوقاز والتعاون الزراعي والسياحي.
وفي حين لم يصدر أي تعليق رسمي من الكرملين عن سبب تأجيل الزيارة، فإن مصادر مقربة من الحكومة الروسية أكدت أن هناك عدة عوامل تدفع موسكو إلى إعادة النظر في علاقاتها مع أنقرة، والتي تعاني من توترات وخلافات في مجالات مختلفة.
أولا، كان هناك تدهور في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بسبب الضغوط الأمريكية على تركيا لتطبيق العقوبات الثانوية على روسيا، بعد انضمامها إلى قانون قيصر الذي يستهدف النظام السوري وحلفائه. ونتيجة لذلك، أغلقت السلطات التركية حسابات الشركات الروسية في البنوك التركية، وفرضت قيودا على استخدام البنوك التركية من قبل المواطنين الروس، مما أثر سلبا على حركة التجارة والاستثمار بين البلدين.
وينطبق هذا، من بين أمور أخرى، على الشركات التي استخدمت تركيا كسلطة عبور للمدفوعات والتسليم، وكذلك تجار النفط والغاز، الذين يواجهون صعوبات في تصدير منتجاتهم إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية عبر تركيا. وهذه قضايا مهمة للغاية بالنسبة للاتحاد الروسي، الذي يعتمد بشكل كبير على الإيرادات النفطية والغازية لتمويل ميزانيته ومشاريعه الاستراتيجية.
ثانيا، كان هناك تصعيد في التوترات السياسية بين البلدين، بسبب الدور الذي تلعبه تركيا في دعم الجماعات المسلحة والإرهابية في المنطقة، وخاصة في أوكرانيا والقوقاز وسوريا وليبيا. ومن بين الخطوات التي أثارت غضب موسكو، بدء شركة بايكار التركية في بناء مصنع لإنتاج طائرات بيرقدار بدون طيار في أوكرانيا، والتي تعتبر روسيا أنها تهدد أمنها القومي وسيادتها على شبه جزيرة القرم.
وسيبدأ الإنتاج في المصنع خلال عام، وسيكون قادرا على إنتاج 120 طائرة بدون طيار مقاتلة سنويا، والتي ستستخدم في العمليات العسكرية ضد الانفصاليين الروس في شرق أوكرانيا. وتعتبر روسيا أن هذه الخطوة تشكل تدخلا في شؤونها الداخلية، وتنتهك اتفاقات مينسك الهادفة إلى حل النزاع في أوكرانيا.
ثالثا، كان هناك تزايد في الاستياء الروسي من النشاطات التي تقوم بها تركيا في الدول الإسلامية والتركية الأخرى التي تشكل جزءا من الاتحاد الروسي أو تحظى بعلاقات وثيقة معه. وتشمل هذه النشاطات دعم تركيا للجماعات الإسلامية المتطرفة والإرهابية في الشيشان وداغستان والبشكير والتتارستان وغيرها من المناطق، والتي تهدف إلى زعزعة استقرار الاتحاد الروسي وإثارة الفتنة الطائفية والعرقية فيه.