تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالصوم الكبير يوم الإثنين (11 مارس)، والذى يأتى هذا العام بالتزامن مع بداية شهر رمضان (11 مارس بالحساب الفلكى).
مصر صباح 11 مارس جميعا صائمة، بمسلميها ومسيحييها، صدفة لا تتكرر كثيرا، عند المؤمنين بشارة، وبشر المصريين.
لفتنى الصديق «صموئيل العشاى» إلى ما سماه «وحدة وطنية ربانية»، إشارات سماوية تلفتنا إلى نعمة الوحدة الوطنية التى نتمناها مستدامة بحول الله.
فى المحروسة، الصوم صومان، ومصر جميعها ستبيت صائمة، إلا من كان على سفر، أعاده الله من سفرته سالما غانما، أو على مرض، شفاه الله وعافاه. فليفرح المصريون جميعا، ويغتبطون، ويهنئون بعضهم بعضا بالصيام والأعياد، وستعاد عليكم الأعياد بكل الخيرات.. ويفوت علينا الزمان يفرش أمانه علينا.. يا رب.
مثل هذه المصادفات السعيدة تُفرح القلب، وترطب حرور الحياة، وتؤذن فينا بالوحدة القلبية، ما بين المسلمين والمسيحيين لا يقطعه إنسان مهما كان سيئ الطوية. المواطنة الحقة أسمى أمانينا، وبين ظهرانينا قيادات حادبة على المواطنة، وتجلى معانيها، والرئيس السيسى يؤذن بالمواطنة، ومن يقترب من الإمام الأكبر الدكتور الطيب أحمد الطيب يلمس محبته لشعب الكنيسة وقيادتها الروحية، وبابا المصريين قداسة البابا تواضروس الثانى يحب شعب مصر حبا جما، وصلواته دوما فى حب مصر، قيادة وشعبا.
تَعانُق الصومين آية من آيات هذا الزمان، ربك يوقت المواقيت، أفلا تعقلون، نعيش حالة روحية مصرية خالصة، شعب مصر يضرب الأمثال جميعا فى المحبة التى هى عنوان المسيحية، والرحمة عنوان الإسلام.
مصر عرفت الأديان قبل العالم، ومناراتها تعانق مآذنها، وأجراس الكنائس تلحن مع صوت الأذان، فى سيمفونية عذبة يطرب لها المحبون العاشقون لتراب هذا الوطن. سيل التهنئات التى سيحظى بها إخوتنا فى مفتتح الصوم الكبير كسيل التهنئات التى سيسطرها المحبون فى مفتتح صيام الشهر الكريم.
أيام الصيام تشرح القلب، والتهنئات موصولة مع دخول العيدين، مصر فى فرح كبير مقيم، إن شاء الله.. وعلى قدر نقاء وصفاء القلوب تأتى المنح الربانية.. وتوافُق الصومين منحة من السماء فاغتنموها، فاستبقوا الخيرات، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.
صحيح صدفة زمنية، ولكنها من محاسن الصدف. كل العلماء تقريبا يتفقون على أن المصادفات هى محض مصادفات؛ أى أنها تخلو من معانٍ أكبر، لكنها أمر نختبره جميعا، يتخطى الحواجز الشكلية، «معنى أكبر» كالقدر أو القوة الإلهية، ونحن مؤمنون بالقدر، ونستشعر القدرة الإلهية فى نظم مواقيت الكون، ونستبطن البشريات التى يجود بها سبحانه وتعالى، ونغتبط بها تفاؤلا. المتفائل هو من ينظر إلى عينيك ليرى فيها أملا.. والمتشائم هو من ينظر إلى قدميك حين تتعثر.. وإذا نظرت بعين التفاؤل إلى الوجود، لرأيت الجمال شائعا فى كل ذراته.
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يستحسن الفأل، والفأل هو الكلمة الطيبة، ومعناه صحيح؛ الحبيب كان يحب الفأل وينهى عن الطيرة: التشاؤم؛ لأن العرب فى الجاهلية كانوا أكثر ما يتشاءمون من الطيور، كالغراب أو البوم. والتشاؤم يكون مرئيا أو مسموعا أو معلوما. والفأل هو الكلمة الطيبة التى يسمعها الإنسان فيرتاح لها، وتسرّه، يقال لها الفأل.. والنبى صلى الله عليه وسلم قال: «وأحسنها الفأل».. وتفاءلوا خيرا تجدوه.