بقلم الدكتور القس جورج شاكر
نائب رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر
تحتفل مصر يوم 25 يناير من كل عام بعيد الشرطة، ولهذا اليوم قصة مكتوبة بدماء شهداء الشرطة الأوفياء تخليداً لذكرى موقعة الإسماعيلية فى 25 يناير سنة 1952 والتى راح ضحيتها أكثر من خمسين شهيداً وثمانين جريحاً من رجال شرطتنا المصرية.
وبدأت القصة عندما قام القائد البريطانى بمنطقة القناة فى ذلك الوقت بإنذار قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية بتسليم أسلحتها للقوات البريطانية وإنسحابها ورحيلها من منطقة القناة إلى القاهرة … فما كان من قواتنا إلا أنها رفضت بحسم الرضوخ والإستسلام وتنفيذ الإنذار البريطانى المهين، وظلت قواتنا فى مقاومة وصمود كالأسود، بعزيمة من حديد لا تأبه التهديد أو الوعيد، ولهذا غضبت بريطانيا غضباً شديداً، وبدأت أعمالها الإرهابية والإجرامية والتخريبية … ثم أعلن الجنرال الإنجليزى بوقف إطلاق النيران وإعطاء هدنة ومهلة لوقت قصير لتقديم الإنذار الأخير لقوات الشرطة المصرية لتنفيذ أوامره التعسفية والخروج والإنسحاب الآمن وإلا فقواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة، لكن القائد المصرى فى ذلك الوقت أعلن بحماس قاطع، ووطنية منقطعة النظير، وولاء وإنتماء صادق فوق حد التصور قائلاً:” لن تتسلمونا إلا جثثاً هامدة” وعندئذ إستأنفت القوات الإنجليزية المذابح والعمليات الإرهابية، وأخذت القنابل تنهمر على المبانى حتى حولتها إلى أطلال وأنقاض، بينما تبعثرت فى أركانها الأشلاء وتخضبت أرضها بدماء الشهداء الأبرياء.
وبالرغم من ذلك الجحيم الذى أشعلوه الإنجليز إلا أن أبطال الشرطة المصرية ظلوا صامدين فى مواقعهم يقاومون الإنجليز بشجاعة وببسالة وشهامة وإستماتة أكثر من الخيال.
هذه الملحمة البطولية التاريخية هى السبب وراء إحتفالنا بيوم 25 يناير من كل عام بشرطنا الوطنية الأبية.
والحق يقال أن معارك الشرطة لم ولن تنته بعد … كيف لا؟! وهم حصن الأمان للوطن كله، وبدونهم معدلات الجريمة والشر والفساد فى البلاد تزداد وتنتشر، وتسود حالة من الفوضى وعدم الإستقرار.
نعم! هم للبلاد صمام الأمان … هم حماة الأرض وفرسان الأوطان، هم العين الساهرة التى لا تنام حتى تطمئن على سلامة كل إنسان.
حقاً! لا يمكن أن نختزل دور الشرطة فى منع الجريمة أو ملاحقة المجرمين … وإنما الشرطة بالإضافة إلى دورها الأمنى أصبح لها دوراً بارزاً وفعالاً فى تنمية وبناء وتطور وإستقرار وإزدهار المجتمع.
كيف لا؟! وقد أطلقت شرطتنا الوطنية العديد من المبادرات الإنسانية بتوصيات وتوجيهات رأس ورئيس الأسرة المصرية فخامة الرئيس السيسى والتى من أبرزها مبادرة ” كلنا واحد ” لتوفير الأغذية للمواطنين فى منافذ ” أمان ” بأسعار فى متناول يد الفقراء ومحدودى الدخل حتى لا تتركهم فريسة لجشع بعض التجار الذين غابت أو ماتت ضمائرهم، وتقديم المساعدات للأيتام والأرامل، وإستخراج بطاقات الرقم القومى لكبار السن والمرضى وأصحاب الإحتياجات الخاصة فى منازلهم حتى لا يتكبدوا أى مشقة، كما تقوم بقوافل طبية لعلاج المرضى بالمجان، والعمل على حل الخصومات الثآرية.
كما تعمل شرطتنا الوطنية على ترسيخ مبادىء حقوق الإنسان، ومد يد العون للمواطنين، والعمل دوماً على راحتهم وحل مشاكلهم وتأمين حياتهم.
أمام كل هذه الإنجازات التى تصل إلى منسوب المعجزات يجب أن تتكاتف كل قوى الشعب ووزراته ومنظماته ومؤسساته وهيئاته مع شرطتنا المصرية لكى تتمكن من أداء دورها، وتحقيق رسالتها، وتنفيذ رؤيتها، وترجمة خطتها، والوصول إلى أهدافها وأحلامها لخير وسلامة بلادنا وشعبنا.
كل عام وكل العام وشرطتنا الوطنية الأبية بخير وسلام، وتبقى شرطتنا المصرية على الدوام تاجاً على رؤوسنا ونيشاناً على أكتافنا وقلادة فى أعناقنا ووساماً على صدورنا، لأنها حصن الأمان لجبهتنا الداخلية.