السلفية المجتمعية التى تشبعت بالسلفية الدينية الماضوية لاتزال تقبض على روح المرأة المسلمة، تكتم أنفاسها، فإذا تبرمت وقالت «بم» على قلبها و«ذم».. تطلع روحها.
رسالة حزينة بلغتنى من أرملة بلغت من العمر عتيا، ما إن فارقها حبيب العمر وعشرته، وبكته وارتدت لباس الحداد، حتى تحكم فيها من لا يرحم من بنى جلدتها، وفق تفسير تعسفى لنص شرع بألا تخرج من بيتها مدة أربعة شهور وعشرة أيام.
وكأنها فرصة وسنحت لقمع المرأة، وقبرها فى إثر زوجها، تقبع فى قاع بيتها لا تخرج البتة، ولا تكلم الناس، حتى شغلها ومعاشها وعلاجها، إياك تخطى عتبة الباب، تدفن نفسها بالحياة، تدخل القبر وراء المرحوم وتقفل الباب.
سألت فضيلة مفتى الجمهورية العلامة الدكتور شوقى علام عن حال هذه المرأة وفق النص القرآنى الكريم: «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِى أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» (البقرة/ ٢٣٤).
قال الدكتور علام بسماحة ولطف، الله تعالى شرع (إحداد) المرأة المتوفَّى عنها زوجُها بتربصها زمن العدة، تعبُّدًا له سبحانه وامتثالًا لأوامره، ووفاءً للزوج ومراعاةً لحقه عليها.
ويجوز شرعًا للمرأة المعتدة من وفاة زوجها أن تخرج من بيتها لقضاء حوائجها، ليلًا كان ذلك أو نهارًا، ما دامت تأمن على نفسها.
كما يجوز لها الخروجُ لزيارةِ أهلها وصاحباتها لتأنس بوُدِّهِم والحديث معهم كما نصَّ عليه بعض الفقهاء، بشرط التزامها بعدم الزينة، وكذا المبيت فى بيتها.
ووثقت «دار الإفتاء» فتوى المفتى الجليل فى صفحتها الرسمية لعلهم يفقهون الحكمة فى الآية الكريمة، نصا:
الإحداد يكون بأن تمكث المرأة فى بيتها تاركةً للزينة والطيب ونحوهما، كلُبس الحُلِى، لكن يباحُ للمعتدة من وفاة زوجها أن تخرجَ من بيتها لقضاء حوائجها، كأن تذهب إلى عملها، أو لتشترى ما تحتاج إليه، مع التزامها بما يُشْتَرَط فى إحدادها.
شرع الله تعالى عدة المرأة المُتوفَّى عنها زوجُها، وقد كانت فى أول الإسلام حولًا كاملًا، تفجعًا وحزنًا على وفاته، فجعلها الله تعالى أربعة أشهر وعشرة أيام إن لم تكن حاملًا، فإن كانت المرأة حاملًا فإنَّ عدتها تنتهى بوضع الحمل، لعموم قوله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ (الطلاق/ ٤).
الإحداد يكون بأن تمكث المرأة فى بيتها تاركةً للزينة والطيب ونحوهما، كلُبس الحلى، إلا أنها يباحُ لها أن تخرجَ من بيتها لزيارة جاراتها أو أهلها لتَأْنَسَ بوُدِّهِم والحديث معهم، ليلًا كان ذلك أو نهارًا، خصوصًا إذا تعلق الأمر بمَن لها حقٌّ عليها من الأقربين من الأهل أو غيرهم ممن تُلَامُ على ترك زيارتهم، وأن هذا ممَّا يحصل به مواساتها فى مصابها ورفع الضيق عنها من أهلها وذويها وصاحباتها، مع التزامها بإحدادها، وأن ترجع فتبيت فى بيتها.
إذ إنها بطول المكث منفردةً وحبيسةً فى بيتها تكون عُرضةً للإصابة بالأمراض النفسية والجسدية، وليس هذا هو مراد الشرع من فرض العدة، وإنما هى أمرٌ تعبدىُ فى أصل مشروعيته، وليس الغرض منها عزل المعتدة عن المجتمع ومنعها عن القيام بشؤونها الحياتية وصِلَاتِهَا الاجتماعية، بل إِنَّ الشَّرِيعَةَ إنَّمَا جَاءَتْ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ فِى عَاجِلَتِهِمْ وَآجِلَتِهِمْ لِتَأْتِيَهُمْ فِى الدَّارَيْنِ عَلَى أَكْمَلِ وُجُوهِهَ.
العام الجديد من الواضح أنه يحمل الكثير من التحولات ومن تغيير لقواعد الاشتباك وندخل بذلك منعطفا خطيرا من تحولات عاصفة وسريعة تنعكس على المواطن من كل المستويات وفى كل المجالات تظهر بالشكوى والامتعاض وبالانفعال والارتباك والقلق والغضب من وراء عدد الأزمات المتلاحقة، ما يسمى فى علم النفس جزء رد فعل طبيعيا يجب احتواؤه باحتراف مادامت التحديات مستمرة حتى لا يصبح مناخا ناقما على نعم ومميزات ونجاحات كثيرة..
فقد وصلت حرب غزة لأكثر من ١٠٠ يوم ولا أهداف تحققت ولا نزيف الدم والتدمير والإبادة توقف، والمخاوف من انعكاسات النتائج لهذه الحرب على المستوى الخارجى بين التكتيك والتنفيذ لتشكيل نظام إقليمى دولى جديد يجعل من الدول الإقليمية إيران وإسرائيل وتركيا تحت الرعاية الأمريكية لها الدور الأساسى فى المنطقة فى خلال المرحلة القادمة لأن اللعب الإيرانى الأمريكى يتم بتنسيق متناغم على مستوى الحفاظ على النظام الملالى وإخماد التقلبات الحادة فى كل مراحل التغيرات والثورات.
والدليل التصريحات والتصرفات الأمريكية لفصل هذا الدعم الإيرانى للحوثيين وتعطيل حركة الملاحة الدولية وضربات استباقية منتظمة فى جنوب لبنان؟! ويتحاشى المواجهة مع نظام إيران، لكن مع أذرعها فى العراق واليمن والشام مثل الحشد الشعبى حزب الله، حوثيين… إلخ.
اما على المستوى الداخلى فالمواطن يترنح بين أسعار السكر والبصل الى الأرز والزيت الى انقطاع الكهرباء وضغوط أخرى متنوعة اجتماعية اقتصادية وسياسية.. فلا حقوق إنسان تجدها فى الحرب الدموية المتفاقمة فى السودان والصراع المكتوم فى ليبيا وطبعا التهديدات المتلاحقة والهجوم فى باب المندب تشتعل كل يوم أكثر بسبب الحوثيين التى استفزت العالم الآن، بعد أن كانت من قبل تهدد دول الخليج فقط والأخطار المترتبة عليها، وعلينا بالتالى من كل صوب على قناة السويس، وأصبحت المعارك الأمنية والاقتصادية أخطر من المعارك العسكرية.. أبواق تهلل أمامنا وأجراس إنذار تدق فوق رؤوسنا.. وفساد ورشاوى تكشف أوراقها.. أحداث مؤلمة ومهازل متكررة، لذلك وجب سرعة التحرك بالتغيير فى الاستراتيجيات الداخلية والخارجية، نحن قادرون بالأدوار السياسية وتغليب وتفعيل المصالح الاقتصادية لتمكين الدولة المصرية من استعادة قدرتها فى كافة المجالات بالتغيير فى المعالجة وفى الأسلوب للتفكير وخطط وتكتيك وإعادة الحسابات لا مراجعة لتصويب الدفة نحو شاطئ الأمان، وذلك يستدعى الاستعانة بأصحاب المواقف والخبرات أصحاب القبول والنجاحات.. وجب أن ندرك جميعا أن هناك تسويات وفرصا قادمة ونخبا جديدة ستظهر وتطورات متلاحقة مع دول محددة وكيانات مثل حماس وحزب الله، وعلينا أن نرمم قدرتنا لنضمن مكانتنا من جديد وتحويل كل ما لا ينتج ولا يترجم مصالح وأموالا فى الاقتصاد الى أصل تم تشييده على أرضنا وأصبح من ضمن أصول حديثة.