لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، والرئيس السيسى يعرف الفضل لأهل الفضل، والبابا تواضروس الثانى (بابا مصر) من أهل الفضل.
خلال حضوره قداس عيد الميلاد المجيد، بكاتدرائية «ميلاد المسيح» بالعاصمة الإدارية ذكّر الرئيس المصريين جميعًا بمواقف رجل من رجالات مصر المخلصين، رجل من أهل الفضل، عُرفوا بالفضل وعُرف الفضل بهم.
ووجّه الرئيس، باشًّا مغتبطًا، تحياته لقداسته استحقاقًا وطنيًّا: «تحياتى لقداسة البابا اللى بكن له كل احترام وتقدير، وطبعًا المحبة ناجمة عن مواقف ميعملهاش إلا رجال مخلصين بيحبوا بلدهم وحريصين عليها.. أنا عشت الكلام ده عمليًّا مع قداسة البابا».
الرئيس يقدر الرجال: «تقديرى لك قداسة البابا، وربنا يديك الصحة، وبشكرك على اللى فات واللى جاى»، وقبلها، وفى عيد الميلاد السابق، أوصى أقباط مصر ومسلميها: خلوا بالكم على البابا تواضروس، الرئيس يحمل للبابا الكثير من المحبة وتقديرًا خاصًّا لمواقفه الوطنية الصادقة.
خلاصته، ما بين الرئيس والبابا محبة خالصة، راكزة في النفوس الطيبة، محبة في الله، وفى حب أغلى اسم في الوجود، وهذه المحبة تصب في نهر المحبة، الذي يجرى رقراقًا في أرض المحروسة، ترفده بماء عذب يروى العطشى إلى ماء المواطنة.
محبة الرئيس ترجمتها كلماته الطيبة وصحبة ورد بيضاء محبة في رجل يحمل حبًّا كبيرًا لكل المصريين، ولو سمح الظرف في القداس السعيد لكان الرئيس قد استفاض في ذكر مواقف البابا ودوره الوطنى في ثورة ٣٠ يونيو العظيمة وما تلاها من أحداث جسام استوجبت وقفة رجال: «كنا رجالة ووقفنا وقفة رجاله».
زيارة الرئيس لكاتدرائية «ميلاد المسيح» بالعاصمة الإدارية الجديدة، تهنئة بعيد ميلاد السيد المسيح، تترجم روحًا طيبة تسرى، وغبطة بالميلاد تعبق الأجواء، وإحساسًا عارمًا بالمحبة، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة.
الرئيس السيسى حسمها مبكرًا بإرادة سياسية نافذة. من أول عيد ميلاد في ولايته استحث الخطى نحو الكنيسة، لم يلتفت وراءه لإرث بائد من الرفض المبطن بالكراهية، فضّل السباحة في نهر المحبة، فأحبه شعبه، وفى القلب منهم شعب الكنيسة.
الرئيس ضرب مثلًا.. وما غرسه في الأرض ينبت ورودًا ذات رائحة عبقة، المحبة تفوح، ونهر المحبة يفيض على الشطآن.. راجِعوا سيل التهانى بين المحبين في عيد الميلاد، حاجة تفرح القلب، فعلًا قرّب حبة تزيد محبة.
المحبة بالمحبة، والرئيس ومجمل القيادات السياسية والروحية باتت تسبح في نهر المحبة، ومصر وطن المحبة والرحمة، والمحبة عنوان المسيحية، والرحمة عنوان الإسلام، ومتى امتزجت المحبة بالرحمة كان الغرس خصيبًا، والميلاد باهرًا منيرًا.
الرئيس يؤسس للمواطنة على قواعد المحبة والرحمة، ويبنى المساجد والكنائس، ولو فيه يهود لبنى المعابد، وصرح بذلك دون خشية، السيسى ابن الجمالية، ابن البلد الطيب، يعود البابا في ميلاد المسيح، عليه السلام، ويعود الإمام الأكبر، الدكتور الطيب، في مولد النبى، صلى الله عليه وسلم، لا يفرق بينهما في المحبة. السيسى يعود الشعب المصرى جميعًا في قياداته الروحية، ويُنزل القادة الروحيين منازلهم، الرئيس يضرب مثلًا في الحفاوة بالعلماء والرهبان والقسيسين اتباعًا لتعاليم القرآن الكريم: «وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ» (المائدة/ ٨٢).