بحثت بتدقيق في التصنيف السنوى للحريات الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة الماضى.
بردا وسلاما، خلا التقرير من اسم (مصر) في حديثه عن الدول المثيرة للقلق دينيا، لم يرد ذكر (مصر) منذ سبع سنوات وحتى صدور التقرير الأخير. جودة ملف الحريات الدينية في مصر نموذج ومثال، نقلة حقيقية في ملف مثير للقلق، مصر منذ العام (٢٠١١ وحتى ٢٠١٦)، كانت مصنفة «مثيرة للقلق»، غادرت مرحلة القلق إلى بر الأمان.
التقرير الأمريكى ليس صدفة، الأمريكان لا يؤمنون بالصدف، ولا بالمجاملات في مثل هذه الملفات المثيرة للقلق، وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكن» يصنف علانية وبالأسماء عددا من الدول بأنها «مدعاة للقلق»، يسميها الدول المثيرة للقلق، تلك المتورطة في، أو المتسامحة تجاه، انتهاكات جسيمة لحرية الدين أو تسامحها معها.
مصر وبإرادة سياسية وسماحة مجتمعية تجاوزت مرحلة القلق الدينى وصارت واحة للتسامح الدينى، تتحدث به المراجع الأجنبية المعنية بالحريات الدينية.
اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية في تقرير حديث عام ٢٠٢٣ ترصد التحسن المطرد في ملف الحريات الدينية في مصر، ويلفتنا التقرير إلى استمرارية الحكومة المصرية في تقديم مبادرات لتعزيز التسامح الدينى، نموذج توفر وزارة التربية والتعليم على مراجعة الكتب المدرسية لبعض الصفوف الدراسية لإزالة نصوص معينة تضر بحقوق الأقليات الدينية.
حقائق لا ينكرها إلا جاحد، تقرير الحالة الدينية في مصر يؤشر على نقلة نوعية في حالة التسامح الدينى، خفتت نبرة الكراهية الدينية بعد زوال حكم الإخوان وتحكم السلفيين، واعتدال المنابر، واستقامة المراجع الدينية وطنيا.
كلمة طيبة كشجرة طيبة، دعوة تجديد الخطاب الدينى التي أطلقها الرئيس السيسى بإرادة وطنية حرة تجسدت في قوانين وممارسات واجتهادات دينية مقدرة، جميعها تحض على التسامح، وتبغض الكراهية، وصارت «المواطنة» نسقا وطنيا بإيمان حقيقى بالحق في الحرية الدينية.
قانون بناء الكنائس حرك المياه الراكدة في ملف كانت تفوح منه رائحة كريهة، والأرقام لا تكذب، جرى تقنين أوضاع ١٥٠٥ كنائس، و١٣٩٥ مبنى تابعا، منذ مايو ٢٠١٨، وهذا ما كان حلما وتحقق.
وبإرادة وطنية محققة جرى إنشاء ٦٩ كنيسة بالمدن الجديدة، وبنفس الروح المتسامحة جار إنشاء ٤٣ كنيسة أخرى بالمدن الجديدة، ما يزيد غلة المحبة عن ثلاثة ألاف كنيسة ومبنى تابع لها لكل الطوائف المسيحية في خمسة أعوام تقريبا.
في ظل نظام حكم يؤمن بالمواطنة، ورئيس يعتقد في حرية الاعتقاد، ويقولها بملء فيه «ولو فيه يهود سنبنى لهم المعابد»، والمعابد اليهودية القائمة موفقة أوضاعها تماما ومنذ زمن بعيد، وجرت عليها عمليات إعمار مكلفة، وترميمات غاية في الروعة بأيدى خبراء الترميم المصريين.
إزاء حالة تسامح مجتمعية تتحدث بها الخارجية الأمريكية، الفضل ما شهدت به الأعداء، نهر المحبة يفيض على الشطآن، الحمد لله أن جعل فينا رئيسًا مؤمنًا بحقوق المواطنة، ومنذ أن وصل الرئيس السيسى إلى سدة الحكم وعينه على المواطنة.
السيسى تخطى عقودًا من الكراهية يوم غبّر قدميه إلى الكاتدرائية ليهنئ إخوته بعيد الميلاد المجيد، لم تمنعه فتاوى سلفية كارهة، ولا سوابق رئاسية كانت تحجم عن الزيارة خشية حك أنوف لا تشم عبير المواطنة يفوح من قلوب المصريين الطيبة، ذهب لا يلوى على شىء سوى الواجب، والمسيحيون يحبون هذا منه، ويحبونه لأنه أكرمهم في وطنهم.