تريد لهم الخير وتطعمهم وتدافع عنهم ويشتموك، هذه العبارة تلخص ما حدث خلال الأيام الماضية من قبل محسوبين على حماس. فقد عقدت مصر جولة جديدة من المفاوضات بين حماس وإسرائيل لإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجبرت مصر دولة الاحتلال على الانصياع والحضور للمفاوضات.
خلال المفاوضات، ودون مقدمات، فوجئنا بسفر قادة حماس من مصر، وإعلانهم رفض المفاوضات عبر وسائل الإعلام. برروا ذلك بأنهم يريدون تحقيق كافة المطالب المؤجلة منذ عشرات السنوات دفعة واحدة، وتدرك “حماس” حجم الجهود التي تبذلها مصر لإرغام إسرائيل على الموافقة على طلباتها.
أسئلة كثيرة راودت ذهني حول موقف حماس الأخير، ومن يقف خلف ذلك، وهل هناك قوى إقليمية أو دولية تحاول تحريك حماس للاستفادة من ذلك؟ بحثت عن أجابات لدى المتخصصين، ووجدت على وسائل التواصل الاجتماعي شتائم من “غلمان حماس”، يكيلون الاتهامات لمصر وسياستها. وتناسي “غلمان الإخوان” كعادتهم أن القيادة السياسية المصرية وقفت في وجه إسرائيل وأمريكا وأوروبا لدعم أهلنا في غزة.
وقدمت مصر حتى هذه الساعة، وبإعلان الهلال الأحمر والحكومة المصرية، أن 75% من المساعدات من غذاء وماء وأدوية وأغطية وخيم وأكفان ومأكولات وأدوات للطبخ، وغيرها من مئات الأصناف والاحتياجات اليومية التي تذهب لغزة، ممولة بالكامل من أموال دافعي الضرائب المصرية، وجزء آخر تبرعات رجال الأعمال والنقابات والهيئات والمؤسسات المصرية.
ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً، وجاءت الإجابة على لسان العميد رمضان شريف، المتحدث باسم حرس الثورة الإيرانية، وقال نصًا بحسب وكالة أنباء مهر: “عملية طوفان الأقصى هي إحدى العمليات الانتقامية التي قام بها محور المقاومة ضد الصهاينة للرد على استشهاد اللواء قاسم سليماني”.
على الرغم من نفي حماس هذه التصريحات، إلا أن المتحدث الرسمي باسم حرس الثورة الإيراني، العميد رمضان شريف، وجه انتباهي إلى حجم التنسيق العسكري بين الجانبين، وأن هذه العملية التي دعمناها ووقفنا خلفها، هي عملية إيرانية تأتي ردًا على قتل قائد إيراني كبير، هو اللواء قاسم سليماني”. وبعيدًا عن أن هذه التصريحات تصب في مصلحة إسرائيل، والتي سوف تستخدمها لتثبت للعالم أن الأمر ليس نضالًا فلسطينيًا لتحرير الأرض، بل عملية انتقامية إيرانية.
تصريحات القيادي الإيراني تنقلنا إلى ذلك الارتباط الوثيق بين حماس وإيران، ويظهر لنا بوضوح أنها واحدة من أعقد العلاقات السرية في الساحة السياسية العربية. كنا ندرك أن الحصول على معلومات حولها أمرًا صعبًا، ولكن اعتراف المتحدث العسكري الإيراني بأن “عمليات محور المقاومة مدعومة منهم”، إذن الرجل ورط الحوثيين، وحزب الله، وحركتي حماس والجهاد معه في صراعاته الإقليمية.
هل كانت عملية طوفان الأقصى هي جزء من مخطط إيراني شامل لاستغلال تعاطفنا الكبير مع القضية الفلسطينية، وجرنا لحرب مع إسرائيل؟ لماذا لم يدرك “غلمان حماس” أنهم مستخدمون كوسيلة للمواجهة غير المباشرة مع إسرائيل، وهو ما يتيح لإيران تحقيق أهدافها دون تكلفة مباشرة؟
من الآن وصاعدًا لن نقف مجددًا خلف جماعات دينية يمينية متطرفة تسعى لتنفيذ أجندتها ورؤيتها الضيقة دون النظر إلى عواقب الأمور. ولن نتخلى عن دعمنا الكامل للقضية الفلسطينية ولوحدة الشعب الفلسطيني ككيان واحد، يشمل كل سكانه، نساءً ورجالًا، ويساريين وليبراليين ومسيحيين، وكافة الطوائف الفلسطينية. تحيا فلسطين حرة مستقلة. تسقط إسرائيل ومن عاونها.