لفتنى الصديق المقدر «منير فخرى عبدالنور» إلى فيديوهات منشورة للمطران اللبنانى المقاوم «عطا الله حنا»، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس.
يغبطك منطوق المطران، واضح، محدد، واعٍ، مذاكر درس التاريخ، ويقف على أرضية فلسطينية وطنية، لا يغادر موقعه مدافعًا عن ثغور فلسطين الغالية.
بلسان عربى مبين يتحدث، ذرب اللسان، لافت البيان، نافذ الحجة، قوى الشكيمة، ما إن يظهر على الشاشات حتى يتجلى حضوره فيخطف الأنظار.
تحسبه من خطباء الثورات المصرية المفوهين الذين طالعنا بيانهم وحجتهم فى كتب التاريخ، ندرة من رجال الدين من يملكون ملكة الخطابة وحسن البيان، يستبطن قضيته، ويعبر عنها جيدًا، يخاطب العالم بقضية فلسطين العادلة.
المطران عطا الله عروبى حتى النخاع على درب مثلث الرحمات البابا «شنودة الثالث»، نيح الله روحه، كان يحوز لقب «بابا العرب»، وتيمنًا نطلق على المطران عطا الله «مطران العرب».
المطران الملتهب حماسة يدافع عن الحياض المقدسة، إسلامية ومسيحية، دفاعًا مجيدًا، ولا يخشى من بربرية الاحتلال، حاولوا اغتياله (بالسم) ولكنه نجا ليكمل رسالته فى الدفاع عن الأرض التى وُلد فيها السيد المسيح، عليه السلام.
وتعريفًا، المطران عطا الله حنا وُلد فى الرامة فى عام ١٩٦٥، ودرس اليونانية فى القدس، وأكمل دراساته فى اليونان، حيث حصل على ماجستير اللاهوت من جامعة تسالونيكى عام ١٩٩١.
بعد عودته للقدس عُيِّن راهبًا فى كنيسة القيامة فى العام نفسه.
وكناشط فى الحياة العامة، فهو المدير والمتحدث العربى باسم البطريركية، وقام بالتدريس فى المدارس المحلية، وحاضر عن المسيحية فى كلية المعلمين العرب فى حيفا، وحصل على دكتوراه فخرية فى اللاهوت من المعهد اللاهوتى فى صوفيا، بلغاريا. وعلى لقب «أرشمندريت».
ألق المطران عطا الله تتحدث عنه وثيقة صادرة عنه فى أوائل ٢٠١٠، مخاطبًا الغرب، وخصوصًا الكنائس الغربية، من أجل الدفاع عن القدس والقضية الفلسطينية. وتعتبر الوثيقة الصادرة باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية مناشدة ورسالة من مسيحيى الأراضى المقدسة إلى كافة مسيحيى العالم بضرورة التحرك من أجل حماية المقدسات فى فلسطين، وتحديدًا فى مدينة القدس، لما تمثله من مكانة دينية خاصة لدى الطوائف المسيحية فى شتى بقاع العالم.
وطالب المطران من خلال الوثيقة المجتمع الدولى بوقفة حقّ تجاه ما يواجهه الشعب الفلسطينى من ظُلم وتشريد ومعاناة وتمييز عُنصرى على مدى ستة عقود، وفى الوثيقة قول بليغ: «الاحتلال العسكرى لفلسطين خطيئة ضد الله والإنسان لا تُغتفر إلا بالسلام العادل وتحقيق المساواة».
صوت المطران عطا الله نافذ إلى قلوب المسيحيين حول العالم، ويدخل قلوب المسلمين جميعًا، ويوقظ ضمائر الأحرار حول العالم، وخلاصة خطابه القضية الفلسطينية ليست قضية المسلمين وحدهم، قضية المسيحيين والمسلمين.
يقولها بجرأة، الاحتلال لا يفرق بين كنيسة ومسجد، وكما للمسلمين مقدسات فللمسيحيين مقدسات، كنيسة المهد، مهد المسيح، محاصرة كما المسجد الأقصى، كما أن فلسطين محاصرة، الشعب الفلسطينى يقبر جماعيًا، والمقابر الجماعية تجمع الشهداء من كل الديانات.
المطران الشجاع يُذكّر المسيحيين من حول العالم بقضية إنسانية، قبل أن تكون مسيحية، يستنفر الضمائر المسيحية التى غفلت عن واجبها فى استنقاذ مهد المسيح، عليه السلام، من براثن الاحتلال الغاصب.