يحتفل اليوم أحباء الحبر الجليل نيافة الأنبا موسى، الأسقف العام للشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بعيد ميلاده الخامس والثمانين، تقديرًا لدوره الوطنى فى المجتمع المصرى ومكانته الكبيرة فى الكنيسة القبطية، فهو نموذج لرجل الله الأمين الذى يجول فى الأرض يصنع خيرًا وينشر سلامًا وأمنًا، وهو كثيرًا ما يُدعم ويسند، يبارك ويشجع كل ما يبنى الكنيسة وينهض بالوطن ويحقق الخير والسلام لكل العالم، ما يتجلى فى مقالاته ومؤلفاته، وكلماته وعظاته، بالإضافة إلى مقابلاته ولقاءاته.
من صفاته الجميلة والطيبة التواضع والبساطة، والتسامح والحكمة، والعطاء بسخاء، مُقدمًا للجميع محبة حقيقية دون تفرقة ودون تمييز، كما أنه يتصف بالنظام والتخطيط بعيدًا عن العشوائية والتشويش، حين تتصل به أو تقابله تشعر وكأنك أمام راهب حقيقى جاء من زمن بعيد، يعيش حياة الشركة ويؤمن بالعمل الجماعى مع كل من يعمل تحت قيادته ويتطوع للعمل معه، حتى أنه يبدو بحق نورًا للعالم وملحًا للأرض، خميرة مقدسة ورائحة بخور زكية، وعظة حية، وخير سفير عن رسالة سماوية.
ولد فى 30 نوفمبر 1938م بمحافظة أسيوط، درس الطب، وتفرغ للخدمة الكنسية وترهب فى دير السيدة العذراء المعروف باسم البرموس فى وادى النطرون، وفى 25 مايو 1980م رسمه قداسة البابا شنودة الثالث (1971-2012م) أسقفًا عامًا للشباب، ليعلن بذلك ميلاد أسقفية الشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وكان كثيرون يشكرون البابا شنودة الثالث على اهتمامه بخدمة الشباب، وكان البابا شنودة يرد قائلًا: كل ما عملته لكم هو أننى رسمت لكم الأنبا موسى أسقفًا. والواقع أن الاهتمام بالنشء والشباب هو اهتمام أصيل، يواصله اليوم قداسة البابا تواضروس الثانى، الذى يهتم بالشباب وخدمتهم ورعايتهم باعتبارهم نواة الكنيسة وقلب الوطن النابض.
يهتم الأنبا موسى بخدمة الشباب وافتقادهم، داخل مصر وخارجها، عاملًا من أجل تثقيفهم والارتقاء بهم ورعايتهم فى مختلف المجالات، الكنسية والعامة، روحيًا وعقليًا وجسديًا ونفسيًا واجتماعيًا، يحثهم دومًا على الانتماء للوطن والإبداع فى التفكير عند التعامل مع مختلف المشكلات والأزمات، ومن ذلك أنه أسس المجموعات المتخصصة بأسقفية الشباب، مثل: مجموعة المشاركة الوطنية ومجموعة التنمية الثقافية ومجموعة التنمية الاقتصادية، وغيرها، يحاضر فيها خبراء ومتخصصون، من المسيحيين والمسلمين على السواء.
يتميز الأنبا موسى بأنه واعظ متميز وقدير، له حضور قوى، حيث يقدم عظاته ولقاءاته بطريقة جذابة وشائقة، تجذب كثيرين لسماعه دون الشعور بفتور أو ملل من كلماته التى تحمل خبرات روحية عميقة وثقافة إنسانية واسعة.
يرى نيافة الأنبا موسى أن للإنسان مجموعة من دوائر الانتماء، الأسرة – الكنيسة – المجتمع/ الوطن – العالم الإنسانى، وهو كثيرًا ما يحث الشباب على حب الوطن والانتماء إليه، وعضوية الأحزاب السياسية، والمشاركة فى الانتخابات المختلفة دون توجيههم فى اتجاه بعينه، ويطلب منهم أن ينشطوا فى الجمعيات الأهلية ومؤسساتها، وغيرها من قنوات المشاركة فى مجالات العمل العام، حيث يرفض بشكل قاطع انعزال الشباب وتقوقعهم، إذ يحثهم على الحضور والاندماج مع غيرهم من شركاء الوطن، وهو دائمًا ما يردد مقولته الشهيرة زامل الكل وصادق من يبنيك، ويطالب الشباب بالمرونة القوية، ومحبة الجميع على الرغم من أى اختلاف، وهكذا استطاع نيافة الأنبا موسى أن يخرج بشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى رحاب الوطن الواسع.
يؤمن نيافة الأنبا موسى بثقافة الحوار، مع المختلفين فى الدين أو المذهب الدينى، ومن ذلك أن نيافته يشجع الحوار المسكونى، كما أنه يرعى صالون المشاركة الوطنية الذى ينظم لقاءً شهريًا بمقر أسقفية الشباب بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ويحضره كثيرون من رموز الثقافة والفكر، من مختلف التيارات الفكرية والانتماءات الأيديولوجية، إيمانًا منه بأننا نعيش فى وطن واحد ويجمعنا مصير مشترك، فكان من الطبيعى أن يرتبط نيافة الأنبا موسى بعلاقات طيبة وصداقة قوية مع الكثير من رموز الوطن الفكرية، بالإضافة إلى الكثير من مسئولى الدولة، الذين يجلونه كثيرًا ويقدرون حكمته فى مختلف المواقف والأحداث، بعيدًا عن الصدام والعنف والتعصب والتشدد..، لأنه مواطن يعمل من أجل الخير العام.