بعد 40 يومًا من حرب غزة، تم التوصل إلى هدنة من الدم، تجاوزت تعنتًا إسرائيليًا وتأثيرات ضغوط من جانب مصر، أمريكا، وقطر. لكن الهدنة الرمادية التي استهلكت جهودًا لا تعني بالضرورة نهاية الحرب. لنفهم ما بعد الهدنة،
يجب تحليل مواقف الأطراف وما إذا كانت الهدنة تمهيدًا لإعلان وقف دائم للحرب أم مجرد وقف تعبوي يمنح الأطراف فرصة لترتيب وضعها العسكري وتقييم الأوضاع على الأرض.
إسرائيل: دخلت الحرب وهي تعاني من حالة سعار عسكري بعد الضربة الفاشلة التي شنتها حماس في 7 أكتوبر. تتجسد أهداف إسرائيل في تدمير بنية حماس والجماعات المقاومة، وضمان عدم تكرار هجمات 7 أكتوبر لحماية المستوطنات القريبة من غزة.
على الرغم من تحقيق إسرائيل الجزء الأول من هذه الخطة بالسيطرة على شمال غزة، إلا أنها لم تحقق الجزء الأكبر من هدفها وهو القضاء على حماس. من الواضح أن الانتصار لا يقاس بالإجرام والإرهاب، بل بتحقيق الأهداف.
دبلوماسيًا: اتبعت إسرائيل خطابًا اجراميًا يستهدف الجميع، وأظهرت نواياها نحو عملية السلام وحل الدولتين. تدرك إسرائيل خطورة سيناريو التهجير وتحاول فرضه على مصر والأردن،
ورغم أن هذا الحل قد يؤدي إلى حرب إقليمية، إلا أنها تحاول توجيه اللوم إلى مصر وتلقي كلفة الأحداث على جميع الأطراف. لذا، يمكن اعتبار الهدنة بالنسبة لإسرائيل خطوة لتهدئة الرأي العام الإسرائيلي وتوفير حرية عسكرية أكبر في الأيام المقبلة.
حماس: أجرت عملية انتحارية عسكرية في 7 أكتوبر نتيجة الحصار وتعنت إسرائيل. لكن رد الفعل الإسرائيلي كان صادمًا وخرج عن توقعات حماس، التي حاولت استخدام ملف الأسرى للضغط في بداية الحرب،
ولكن خطورة العملية جعلتها غير قادرة على استيعابها سواء بوقف تعبوي أو ضربة إسرائيلية محدودة.
مصر والأردن: يهتمون بتبريد الوضع ومنع امتداد الحرب إلى سيناء أو الأردن. الهدنة مهمة لهم بكتم النيران ومحاولة تقديم إغاثة لغزة.
يؤكد تنسيقهم العسكري والدبلوماسي على تحفيز إسرائيل للتقيد وتوفير الفرصة للتصالح.
أمريكا: تسعى لحماية إسرائيل وتجنب تكرار حادثة 7 أكتوبر، ولكنها في نفس الوقت تريد تجنب التصعيد الإقليمي الذي قد يهدد مصالحها.
تروج لهدنة تجعل التوازن بين العمل العسكري الإسرائيلي وتوفير بعض الإغاثة للفلسطينيين، لكنها تتفق مع أهداف إسرائيل في الحرب.
تقدير الموقف الاستراتيجي: يشير إلى أن الهدنة هي مجرد وقفة تعبوية، ونحن في منتصف حرب لم تحقق أهداف أي طرف. يعبر عن رفضه لاعتبار إسرائيل منتصرة، حيث لم تحقق أهدافها برغم الدمار والضحايا. يلقي الضوء على ضرورة تحريك القضية الفلسطينية من خلال التأكيد على أخطائها.
اقليميًا: ينتظر الجميع إعلان نهاية الحرب والأهداف التي يتفقون عليها سرًا. يتناول الوضع المتوقع لغزة بعد الحرب، وكيفية إدارة الانتقال بين الوضعين.
الشاهد: يشدد على استغلال الأطراف الهدنة لإظهار مواقفها وأهدافها، ويُظهر التحفظ في الحديث عن النجاح أو الفشل في هذه المرحلة.
يُظهر الكتاب الأسوأ لم يأتِ بعد، ويشير إلى أهمية إعلان كل طرف عن مواقفه الحقيقية وقدرته على التعامل مع التحولات في المشهد.