أعظم ما في عملية “طوفان الأقصى” أنها “مفاجأة استراتيجية” لإسرائيل والولايات المتحدة.
ويبدو أن المخططين الفلسطينيين كانوا متأكدين، وهم يضعون تفاصيل هجومهم المباغت، أن الوصول إلى إسرائيل بتلك الصورة الصادمة لإعدائهم سيكون له أثر هائل فيما يتعلق بإحياء قضية وطنهم التي كان قد بدا للعالم منذ سنوات أنها ماتت وتنتظر الدفن.
فالولايات المتحدة ودول أوروبية كبيرة وروسيا تحدثت بلغة جادة أكثر من ذي قبل عن الحاجة الماسة إلى إنجاز حل الدولتين، وهو الحد الأدنى المقبول عربيا.
الأبعاد الاستراتيجية لعملية “طوفان الأقصى” عديدة، ومن بينها بكل تأكيد التوقيت.
فالمخططون الفلسطينيون كانوا، فيما يبدو لي، يقدرون أهمية تنفيذ عمليتهم في ظل هذه الذروة من الشلل الذي أصاب النظام السياسي الإسرائيلي منذ سنوات، وكذلك في خضم الفساد السياسي الذي ابتلع رأس النظام بنيامين نتنياهو، وهو أطول رؤساء الوزراء بقاء في الحكم.
لقد كان باديا أن إسرائيل صارت من نفس نسيج المنطقة، وذلك بعد فساد رئيس الوزراء وتدخينه السيجار من مدفوعات مشبوهة من رجال أعمال.
لكن الذي كان يهم المخططين الفلسطينيين، فيما يبدو لي، أن الشلل والفساد السياسيين أحدثا انقساما بدا غير مسبوق في المجتمع الإسرائيلي، وقوضا الادعاءات الديمقراطية الإسرائيلية، خاصة بعد أن عمد نتنياهو إلى محاولة تعديل القوانين لإعفائه من التهم في ثلاث فضايا فساد.
لقد دفع الفساد السياسي جنود الاحتياط إلى إعلان التمرد وأنهم سيرفضون أي استدعاء جديد للخدمة العسكرية.
وفي مثل المجتمع الإسرائيلي ليس هناك صورة للانقسام أخطر من ذلك.
ويبدو لي أن المخططين الفلسطينيين لعملية “طوفان الأقصي” توصلوا إلى أن إسرائيل ستتخبط في الرد على هجومهم، وبالتالي ستفشل في النيل منهم حتى إن دمرت كثيرا من المنشآت والبيوت وقتلت الآلاف من الشيوخ والنساء والأطفال.
أنا أكرر عبارة “يبدو لي” لأنني بالتأكيد لم اطلع على خطة عملية “طوفان الأقصى” إنما أقرأ الخطة من آثارها في الميدان.
وفي المقال التالي إن شاء الله: كان الغرب بقيادة الولايات المتحدة منهكا في أوكرانيا، وبالتالي كان توقيت عملية “طوفان الأقصى” ملائما.
محمد عبد اللاه