رفض صديقى المثقف اى ربط بين الرهبنة القبطية و مصر القديمة و اخذت اؤكد له ان الامر هو امتداد الفكرة و تمدد الفكر فكيمت كانت ممهدة تماما لاستقبال المسيحية و فهمها حتى بصورة افضل من مناطق ذهب اليها عدد كبير من المبشرين بالمسيحية.
قلت له يا صديقى ان اغلب العقيدة المسيحية فى فلسفتها العميقة تمت ممارستها فى العقيدة المصرية القديمة حتى ان موسى وهو خارج من مصر اخذ مع الشعب طقوس مصرية لا شك فيها و الشعب العبرانى نفسه كان مرتبط بمصر و الحياة فيها.
ربط صديقى بين الرهبنة و طقوس الشرق الاقصى و كأننا نحتاج لمبرر بعيد الاف الاميال عن حضارتنا الفعلية المعاشة فى حينها صاحبة التأثير الزمانى و المكانى.
ان الرهبنة فى مصر القديمة كانت مختلفة بعض الشئ عن رهبة الانبا انطونيوس و الانبا باخوميوس حيث طور انطونيوس الكبير الرهبنة “التى كانت موجودة و مارسها المسيحيين بالفعل” الى رهبنة منظمة جماعية “كان الرهبان فرادى و جماعات غير منظمة و طور باخوميوس الكبير الرهبنة النظامية الى رهبنة لها تراتبية و هيكلية لكن الشكل الفردى انحصر فى مفاهيم “التوحد”.
كانت الرهبنة فى مصر القديمة مرتبطة بمفهوم التكريس لحفظ “السر” فما بعد انضمام الشخص للجماعة “السرانية” يصبح مكرس تماما لخدمة السر وهى الطريقة التى نقلها عنهم اليونانيين “الفيثاغورثيون نموذجا” بينما نقلت المسيحية التكريس الرهبانى لفكرة خلاص النفس ثم خدمة الاسرار المقدسة بعد ان تحولت الرهبنة من الصيغة العلمانية للصيغة الكهنوتية.
كان الرهبان المصريين مرتبطين بالمعابد فنجد ذكر لكهنة و رهبان امون فى سيوة او اون فى عين شمس و هكذا حافظت كل جماعة رهبانية على اسرارها حتى جاء بطليموس ليحاول اجبار المصريين على ترجمة علومهم “السرية” و اعطائها للبطالمة فيخدعه مانيتون “الراهب ايضا” و يسلمه بعض الكتب و تختفى باقى العلوم ولا يتبقى الان سوى جبتانا و جبتاكا مانيتون .
تدور الرهبنة المصرية القديمة حول خدمة السر “العلوم السرية” و تدور الرهبنة القبطية حول سر التجسد “الخلاص”
الرهبنة القبطية هى امتداد و تمدد للفكر و حكمة المصريين القدماء فكما تأدب موسى بكل حكمة اجدادنا “بحسب شهادة التوراة” فان العالم كله نقل عنا احد اهم اعمدة المسيحية و هو عمود من المعبد المصرى القديم الذى عرف الاله و ارتبط به و انتظر خلاصه.