الحاضر يذكّر بالماضى، فلأنك كنت أسير الماضى، فشلت وأضحيت تخاف من هزيمة جديدة.
وثائق الاستخبارات الأمريكية الـ«CIA» التي نشرت أجزاءً منها صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية بمناسبة مرور نصف قرن على حرب أكتوبر، كشفت أن وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك «موشيه ديان» في الأيام الأولى من حرب «يوم الغفران»، كما يطلق عليها بالعبرية، طلب خلال اجتماع مع قادة الجيش والوزراء بالحكومة الإسرائيلية مناقشة إمكانية استخدام السلاح النووى بشكل تجريبى لأول مرة في مواجهة الجيش المصرى.
أسود الجيش المصرى كانوا يتقدمون بضراوة نحو المضايق، ما خشى منه ديان على الكيان، زوال دولة إسرائيل، ولكن فكرته الحمقاء تمت معارضتها من جانب عدد من الوزراء، لأنها كانت بمثابة يوم القيامة في المنطقة.
المتطرف الأرعن «عميحاى إلياهو»، الوزير في حكومة الإبادة من حزب «عوتسما يهوديت» المتطرف، طبق الأصل، نسخة قبيحة من جَدّه ديان، وكما هدد ديان بالقنبلة النووية، يهدد إلياهو بالقنبلة النووية ويتطرف بالقول: «إن أحد خيارات إسرائيل في الحرب في غزة هو إسقاط قنبلة نووية على القطاع» (وفقا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل).
وشهِدَ شاهدٌ من وزرائها، حكومة الإبادة الإسرائيلية تضمر شرًّا مستطيرًا، شرًّا لا قِبَل للعالم به، الشر النووى في أيادٍ إرهابية.
ما فاه به الوزير المهووس دينيا يجسد الحالة الجنونية التي تعيشها الحكومة المهزومة عسكريا، تعانى هزائم تسميها انتصارات، وتعالج جروحًا عميقة بسفك دماء الأطفال.
لم تفعلها سوى الولايات المتحدة الأمريكية يوم أبادت هيروشيما ونجازاكى في اليابان بقنبلة نووية تجريبية، يجربون في البشرية منتجات شرورهم، والولايات المتحدة تدعم حرب الإبادة بترسانتها العسكرية في القطاع، وحق الفيتو في مجلس الأمن، وتمنح حكومة الإبادة تصريحا بالقتل دون قيد أو شرط.
ما حاجة إسرائيل إلى قنبلة نووية وقد صَبّت قنابلها على رؤوس سكان القطاع، ما يوازى قنبلة نووية ومضاعفاتها.. ولكنه الجنون الذي استولى على عقول حكومة الإبادة.
عميحاى إلياهو مجرم حرب، وتصريحه يدينه بجريمة حرب، وإذا لم تجلبه محاكم مجرمى الحرب عاجلا، فلننتظر كارثة إنسانية في تكرار لكارثة هيروشيما!.
هل يعقل أن يتحكم مجانين في السلاح النووى؟!.. مصر بُحّ صوتها في النداء على إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وتتحسب ليومٍ يمتطى مهاويس صهوة السلاح النووى.
جولدا مائير في واقعة تاريخية سجلها فيلم (Golda) لجمت ديان ونهرته، وأخلت طرفه من قيادة العمليات الحربية، وحجبت تعليماته عن الجيش الإسرائيلى، وجنبته الحرب حتى يسترد عقله الذي كاد يشت جنونًا وهو يرى بعين واحدة الهزيمة مجسدة وخطر زوال الدولة العبرية كابوسا ثقيلا.
هل يلجم نتنياهو وزيره المتطرف؟.. أكتفى بتعليق حضوره مجلس الوزراء، أخشى توزيع أدوار، إلياهو يهدد بما لا يستطيعه نتنياهو، ما يسمى إظهار العين الحمراء، عين موشيه ديان العوراء، والعصابة السوداء، تذكرونها جيدا.. أيام سودة.
رسالة «عميحاى إلياهو» مرعبة ومخيفة، رسالة بعلم الوصول، وقطعا لا يصح السكوت عليها.. «لقد طفح الكيل»، «وبلغ السيل الزبى» حتى «لم يبق في قوس الصبر منزع»، ثلاثة أقوال درج العرب على التلفّظ بها عند نفاد الصبر أو تفاقم الأمور إلى حدٍّ لا يمكن السكوت عنه أو الصبر عليه.