لطيب الذكر شاعر العربية المجدد «صلاح عبدالصبور» سؤال عُمِّر طويلًا: «لا أدرى كيف ترعرع في وادينا الطيب هذا القدر من السفلة والأوغاد؟!».
لم يُجِبْه أحد وقتها، وتعجبوا من سؤاله، وسؤاله في محله، ونحن نرى هذا القدر من الأوغاد الذين يطعنون الوطن في ظهره، بين ظهرانينا طابور خامس من الأوغاد.
فعلًا، ما يحسش بالنار إلا اللى كابشها، مثل مصرى معبر عن حالة القيادة المصرية في أتون حرب غزة، حِمل ثقيل تنوء بحمله الجبال، أعباء الحرب على غزة تثقل كاهل القيادة المصرية.
القيادة الممتحنة تحمل عبء القضية الفلسطينية صابرة من أجل تأمين حياة رضيع فلسطينى يصرخ مستجيرًا من الهول.
ولا يُتبعون جهدهم مَنًّا ولا أذى، رجال صدقوا، يَصِلون الليل بالنهار في عمل دؤوب، يجتهدون في صمت، ولا يصرحون، ولولا يقظتهم لكان للقضية وجه آخر.
نعم، ما يحسش بالنار إلا اللى كابشها، والقيادة كابشة جمرة نار، القضية الفلسطينية جمرة نار موقدة، وكابشها ممتحن، نار على الحدود، نار في الجوار، والتهديدات الوجودية على كافة المحاور الاستراتيجية.
واللى ميعرفش يزايد على موقف القيادة النبيل، واللى ميعرفش يتجاوز الخطوط الحمراء، والقيادة في مفرق وجودى خطير لا تطلب جزاءً ولا شكورًا، فقط العون المعنوى، الاحتشاد، وحدة الصف، وسد الخلل والصلاة في حب الوطن.
مزاد الوطنية منصوب، والمزايدون كثر، يزايدون على أبيهم في قبره، المزايدة صارت طقسًا، وفى الفضاء الإلكترونى متسع للمزايدات الرخيصة على الموقف المصرى الشريف، وعلى القيادة التي أعلنتها صريحة: «نتعامل بشرف، في وقت عز فيه الشرف».
وفى قلبه مرض، والغرض مرض، ومرضى القلوب يُسفرون عن وجوههم القبيحة، أفاعٍ لزجة خرجت من جحورها الرطبة إذ فجأة، تتلوى في الفضاء الإلكترونى تغريدًا وتتويتًا، تنفث حقدها، وتبخ سمومها، وتلوى الحقائق، وتحرف المزاج العام، وتفتن الشارع من حول القيادة في مفرق وجودى.
المزايدات على الموقف المصرى تأخذ منحنًى تصاعديًّا مع استمرار الحرب، ومطالبات مفضوحة بفتح الحدود، وكأنها مغلقة، وكأن مصر تتعنت، مصر الكبيرة كريمة، من لحم الحى جهزت مساعدات لا قِبَل لأحد بها، ولكن دخولها رهن باتفاق دولى، لسنا وحدنا على الحدود، هناك طرف عدوانى متربص بالمساعدات، لا يُمررها هكذا عنوة.
نفس الوجوه القبيحة التي مكّنت لإخوان الشيطان حكم مصر تحت شعارات جوفاء، نفسها هي مَن توطئ لإخوانهم قدمًا في أرض سيناء، تحت شعارات فضفاضة، جماعة والعياذ بالله تبيع أبوها في سوق النخاسة.
الحدود مشتعلة جنوبًا وغربًا وشمالًا وشرقًا، والمزايدات شغالة ومين يزود، وتلقيح جتت، ما هذه الرائحة، ألَا تستحم يا رجل، أتُزايد على وطنك، على أرضك، على حدودك، الأرض عِرْض، هل هانت عليك الأرض التي تشربت دماء الشهداء؟!، فعلًا اللى اختشوا ماتوا عرايا من الخجل، ولكنهم لا يخجلون، وجوه كالحة ودماء مالحة.
المزايدات مقترنة بمخطط صهيونى مفضوح بتوطين الفلسطينيين في سيناء، (وعد مرسى لأبومازن)، لكن في القيادة رجال نذروا أرواحهم فداء لوطن يستحق الخلود.
اسْتَمْرأ الكَيْد والمكايدة السياسية، والتغريدات العدائية، والهتافات الحنجورية، تلفت الانتباه عن القضية الأساسية، حقوق الشعب الفلسطينى القانونية والتاريخية والعادلة في دولته المستقلة على حدود ٦٧، وعاصمتها القدس.