أقامت أسرة الكاتب الصحفى والسيناريست الراحل رؤوف توفيق عزاءً وتأبينًا فى كنيسة مارمرقس كليوباترا، شهد حضورًا حاشدًا لكتاب صحفيين وإعلاميين وأصدقاء وأقارب الكاتب الراحل، وكانت زوجته الكاتبة الصحفية منى ثابت فى استقبال المعزين.
«رؤوف توفيق» ناقد وسيناريست مصرى، ولد عام 1939، وتولى رئاسة تحرير مجلة (صباح الخير) كما عين رئيسا لمهرجان الإسكندرية السينمائى فى أربع دورات. كانت انطلاقته الأدبية عبر تأليفه عدة كتب نالت دهشة واحترام الجميع، وكان أولها (السينما عندما تقول لا) عام 1974 و(سينما الحب)، كما بدأ أيضا بكتابة أول سيناريو فيلم له وهو (زوجة رجل مهم) عام 1988 الذى فاز إثره بجائزة أحسن سيناريو، ومن أشهر ما كتب (مستر كاراتيه). و(مشوار عمر).. وقد كرمته الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، التى كان عضوًا بمجلس إدارتها لسنوات تقترب من ربع قرن، وأصدرت عنه كتابًا من تأليف الناقد السينمائى سمير شحاتة، كما أقامت حفلًا لتكريمه بالمجلس الأعلى للثقافة.
وفى حفل التأبين، تحدث كل من الكاتب الصحفى نبيل عمر، والكاتب الصحفى والشاعر محمد بغدادى، والأمير أباظة رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائى، والكاتب الصحفى سمير شحاتة.
وفى كلمته، قال نبيل عمر: لقد علمنى رؤوف توفيق كيف أفهم ما أشاهده، وأن أبحث عن الجمال فى أى عمل فنى قبل أن أبحث عن ملامح القبح.. ذلك أنه ينتمى لمدرسة البحث عن الجمال فى العمل قبل أن ننتقده، ولذلك كانت كل كتاباته جميلة، وهو شخص نادر ومهذب وحكيم، ومن البشر الذين تحبهم للوهلة الأولى وكنت قد شرفت بمقابلته فى بيته حين قررتُ أن أُجرى حوارًا معه لنشره فى «الأهرام»، وحين قابلته قابلنى بنفس الروح الطيبة، وتملكتنى الحيرة كيف أجرى حوارا اشتباكيا مع هذا الشخص الذى يفيض بالنبل والشفافية والنقاء والجمال الروحى، ولكن لأن لديه حسا عاليا كناقد استثنائى، فإذا به يعرج فى الحوار إلى مناطق حرجة وشائكة، وكأنه يريد الإجابة عن أسئلة خبيثة واشتباكية أحرجت من طرحها.
غادة رؤوف توفيق قالت: هذا ليس تأبينا وإنما احتفال يليق به.. وقرأت رسالة الأب بيشوى الذى قال: «حمد الله على سلامة وصول رؤوف لوطنه الحقيقى وسعداء بمحبة الناس له التى غمرته».
الكاتب الصحفى والشاعر محمد بغدادى أكد: أن هذا ليس تأبينًا وإنما احتفاءٌ برجل نبيل وراهب فى مهنته، وكانت مقالاته النقدية كاشفة لنا عن العوالم السينمائية، وكان من أوائل النقاد الذين ذهبوا إلى مهرجان «كان»، ففتح نافذة للناس على المهرجان والموجات السينمائية الحديثة، وكان كتابه المهم «السينما حينما تقول لا» قد أحدث ضجة فى الوسط السينمائى؛ ذلك أنه كان منحازا للحق والعدل والخير والجمال والإنسان والفقراء، وحين التقيته أول مرة فى مجلة «صباح الخير» اندهشت؛ لأننى وجدت فيه نفس الصورة المتخيلة التى رسمتها له فى خيالى من خلال قراءاتى لكل ما كان يكتبه.. ونهايةً، فإن رؤوف توفيق ملاك عاد إلى الجنة.
الأمير أباظة رئيس مهرجان الإسكندرية قال: إن رؤوف توفيق حين تولى رئاسة مهرجان الإسكندرية السينمائى فى 1998 و1979 استطاع أن يحقق له نقلة مختلفة لينافس مهرجانات أخرى حول العالم، ثم عاد لرئاسته فى عامى 2004 و2005 لتتجدد طاقة المهرجان ويحقق له انطلاقة جديدة.
الكاتب الصحفى سمير شحاتة تحدث: «تعرفت عليه وتعلمت منه حتى قبل أن نلتقى، من خلال كتاباته وكتبه وأفلامه ومقاله الشهير (مقعد للمشاهدين)، والذى ظل يكتبه لأكثر من أربعين عاما، كما ظل متابعا لمهرجان كان السينمائى على مدى ما يقرب من العشرين عاما، وعرفنا من خلال متابعاته السينما بكافة اتجاهاتها، وتعلمنا منه الكثير، وبلغت سعادتى مداها حين اختارنى للعمل معه فى مهرجان الإسكندرية السينمائى، وكنت قد سألته عن غياب الرومانسية فى أفلامه، فقال «الثمانينيات لم تكن فيها رومانسية لكن مثلا إذا تأملت فيلم (زوجة رجل مهم) ستجد ملمحا رومانسيا من خلال أغانى عبدالحليم حافظ التى كانت تستمع إليها ميرفت أمين فى الفيلم، وكان واخدها من واقعة حقيقية للسيدة زوجته التى تعشق أغانى عبدالحليم، وكثير من شخصيات أفلامه عايشها فى الواقع، مثل: »السيد كاراتيه، والضابط المتعجرف«، وبتكليف من الأمير أباظة أنجزت كتابا عن رؤوف توفيق بعنوان »سينما رجل مهم«.
نقيب الصحفيين الأسبق يحيى قلاش قال: «افتقدنا إنسانا وصحفيا ووطنيا عظيما، كانت لديه انحيازات اجتماعية عبّر عنها بأدوات فنان، والسيرة ستستمر.. وبعد لقاء واحد معه تجده يخطف مشاعرك من خلال الدفء الإنسانى والطيبة التى كان يتمتع بها، ونحن مدينون له بالكثير منها.. بالنسبة لجيلنا الذى حدد لنا منهجا للمشاهدة ورؤيتها بطريقة مختلفة، لنقف على الرسائل الإنسانية التى تتضمنها.. وحين كنت أذهب لروزاليوسف فى أولى معاركى الانتخابية والنقابية، فوجئت بعدها أننى حصلت على كل أصوات الزملاء فيها، وظل يدعمنى فى كل جولاتى، حتى حين كانت حالته الصحية صعبة».
الدكتورة ماجدة فهمى، أستاذة الصحة النفسية بجامعة قناة السويس، صديقة لعائلة رؤوف توفيق على مدى أربعين عاما قالت فى كلمتها: «امتدت علاقتى بأسرته لأكثر من ثلاثين عاما، وهو لم يكن مجرد زوج لصديقتى الغالية منى ثابت وإنما كان زوجا وصديقا وسندا، وهذه الأسرة يجمعها الحب والأخلاق والمبادئ، وعايشت مراحل كثيرة مع هذه الأسرة الحبيبة، وكانت المرحلة الأصعب هى فترة مرضه الطويلة التى واجهوها جميعا بشجاعة وصبر، وكانت زوجته وبناته خير سند له طوال تلك المحنة».