ما زال يقرأ ويحلّل، والعالم يستمع إليه!
”وول ستريت جورنال” استثمرت الفرصة.
حاورته كي تطلّ من خلاله على العالم. ويقول الصحفي المُحاور:
ما يراه السيد كيسنجر عندما ينظر إلى العالم اليوم هو “الفوضى”. إنه “عالم تمزّقه المنافسة بين الولايات المتحدة والصين”.
واصل تحذيره من تطوّر الصراع مع الصين، وتحدّث عن “الخصومة الطائشة”.
قال إن “الحربين العالميتين كان يجب أن تعلّما (العالم) أن الثمن الذي يدفعه المرء حتى مع التكنولوجيا التقليدية لا يتناسب مع معظم الأهداف التي يمكن تحقيقها”. أما مع أسلحة اليوم وزمن “الذكاء الاصطناعي”؛ “فإن هذا النوع من الحرب سيدمّر الحضارة”.
عندما سئل عن حجم طموحات الصين؛ قال:”لا أعتقد أنهم يرغبون في نشر الثقافة الصينية في جميع أنحاء العالم”. إنهم يسعون إلى “الأمن”، وليس الهيمنة على العالم، لكنهم يتوقّعون أن يكونوا القوّة المهيمنة في آسيا.
ثم توقّع أن اليابان “سوف تطوّر أسلحة الدمار الشامل الخاصة بها”، فيما بين 3 إلى 7 سنوات.
عن أوكرانيا.. قال إنه يدعم موقف إدارة “بايدن” منها.
المثير هو قوله إنه “تمّ كسب حرب أوكرانيا، من حيث منع هجوم روسي على دول حليفة في أوروبا”، لكن هناك “أخطارا أخرى يمكن أن تبرز من روسيا. بينما ننهي الحرب، يجب أن نضع في اعتبارنا أن روسيا كان لها تأثير كبير على المنطقة لمئات السنين، وهي عالقة في تناقضها بين الإعجاب ومشاعر الدونية أو الخطر القادم من أوروبا “.
رأى أن هذا التناقض كان وراء الحرب، واعتبر أن “عرض انضمام أوكرانيا إلى الناتو كان خطأ فادحا أدى إلى هذه الحرب. لكن حجمها وطبيعتها خصوصية روسية، وكنّا محقّين تماما في مقاومتها”.
ما زال كيسنجر يؤمن بـ”السلام الأمريكي”، وبضرورة “الدفاع عن مناطق العالم الضرورية لبقاء أمريكا والديمقراطية”. لكنه يقول إن القدرة على “تنفيذها سياسيا” ، “تراجعت بشكل حاد، وهذه هي مشكلتنا المهيمنة الآن”.
في الكلام اعتراف واضح بتراجع السطوة الأمريكية، وضرورة أخذ ذلك في الاعتبار عندما تتمّ قراءة الأحداث ووسائل الردّ عليها.
يبقى القول إن الحروب لا تُدار بالمنطق دائما، بل كثيرا ما تدفعها الأحداث دفعا نحو تطوّرات غير محسوبة.
إنه سنّة “المدافعة” الربّانية، بجانب سنّة “التداول”، تلك التي يعرفها كيسنجر ضمنا، ويعرف مآلاتها، وإن كان من الصعب عليه الاعتراف بها صراحة.
هواجس تراجع الغرب تشغله، لأنها تؤثر على “كيانه الأم”.