بالطبع لم يكن أحد عاقل يتخيل أن تمر قمة السلام العالمية التي دعت لها مصر واستضافتها ،دون الكثير من الشوشرة،خاصة أن دولاً كبرى في مقدمتها الولايات المتحدة وبالطبع اسرائيل كانت ترفض عقدها خوفاً من خروجها بخارطة طريق يتبناها المجتمع الدولي لوقف اطلاق النار بغزة واطلاق عملية سلام على أسس جديدة،وهو ما كانت تصبو إليه مصر .
لكن الغريب أن البعض هنا وبعض المتربصين بالخارج من الاخوان وغيرهم،لم يتركوا القيادة السياسية تعمل بهدوء ،وهي التي بذلت مجهودا كبيراً لعقد المؤتمر بهذا الحضور،بل كان لابد من الشوشرة على المؤتمر واطلاق شائعات على أن البعض انسحب من القمة جراء خلافات على الكلمات والبيان الختامي ، وأن زعيماً عربياً آخر ( أكل لبانة) استهانة بالمؤتمر والحضور والقضية،وهو كلام سخيف لايستحق الرد عليه،لكن لابد من توضيح بعض الأمور ،حتى لا يسير بعض السُذج خلف هؤلاء المُضللين.
أولاً :بالنسبة لما تردد عن انسحاب أمير قطر سمو الشيخ تميم بن حمد من القمة فهو كلام غير صحيح جملة وتفصيلاً ونفاه متحدث رسمي مصري ، مشيداً بالحضور القطري على هذا المستوى،فقد خرج الأمير لارتباطات خاصة ،وترك رئيس وزرائه ، ولم يكن مرتب له أي كلمة ، لأن الكلمات في هذه المؤتمرات تكون بالطلب وقطر لم تطلب كلمة طبقاً لما أكده مسؤول اعلامي قطري بارز رداً على أحد المتصيدين ( أنظر الصور أسفل ) كذلك لم يلق عدداً آخر من الحضور كلمات من بينهم سمو الشيخ محمد بن زايد الذي غادر مبكراً أيضا وترك ممثلاً لبلاده ، وقد طالته بعض الشائعات أيضاً، وعموماً كانت قطر والامارات مشكورتين من أعلى الحضور في المؤتمر دعماً وتقديراً لمصر .
ثانياً: وحسب معلوماتي – كصحفي – لم يكن هناك أي خلاف عربي داخل المؤتمر ولا على ترتيب الكلمات بل إن كل الدول العربية دعمت مصر في مطالبها ورؤيتها، وكان الخلاف الوحيد هو خلاف عربي (كل العرب) وبعض الأطراف الامريكية والأوربية حول البيان الختامي للقمة ( الذي لم يصدر ) حيث كانت ترغب تلك الأطراف غير العربية على تحميل الطرف الفلسطيني (حماس والمقاومة ) المسؤولية الكاملة عما حدث ، والتأكيد بل والاشادة برد الفعل الاسرائيلي للدفاع عن النفس وهو ما رفضته كل الدول العربية ، بسبب هذه الازدواجية الفجة للمعايير من حيث حق اسرائيل فى الدفاع عن نفسها وإدانة صريحة للمقاومة، وكأن اسرائيل ليست دولة احتلال ولم تغتصب الاراضي الفلسطينية بالقوة، فضلاً عن الرفض التام للتهجير القسري سواء داخل أو خارج الأراضي الفلسطينية باعتباره مخالفاً للقوانين الدولية ، وأمام اصرار كل طرف على موقفه لم يصدر البيان، واكتفت مصر باصدار بيان قوي جداً مصاغ بلغة ديبلوماسية قوية وصريحة وواضحة أنقل لكم منه هنا عدة فقرات فقط لتعرف قوة ومتانة موقف بلدك:
وقد سعت جمهورية مصر العربية من خلال دعوتها إلى هذه القمة، إلى بناء توافق دولي عابر للثقافات والأجناس والأديان والمواقف السياسية توافق محوره قيم الإنسانية وضميرها الجمعي ينبذ العنف والإرهاب وقتل النفس بغير حق يدعو إلى وقف الحرب الدائرة التي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يطالب باحترام قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني يؤكد الأهمية القصوى لحماية المدنيين وعدم تعريضهم للمخاطر والتهديدات ويعطي أولوية خاصة لنفاذ وضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية وإيصالها إلى مستحقيها من أبناء قطاع غزة ويحذر من مخاطر امتداد رقعة الصراع الحالي إلى مناطق أخرى في الإقليم.
تطلعت مصر أيضًا إلى أن يطلق المشاركون نداءً عالميًا للسلام يتوافقون فيه على أهمية إعادة تقييم نمط التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية،وبحيث يتم الخروج من رحم الأزمة الراهنة بروح وإرادة سياسية جديدة تمهد الطريق لإطلاق عملية سلام حقيقية.
كما كشفت الحرب الجارية عن خلل في قيم المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات، فبينما نرى هرولة وتنافس على سرعة إدانة قتل الأبرياء في مكان، نجد ترددًا غير مفهوم في إدانة نفس الفعل في مكان آخر بل نجد محاولات لتبرير هذا القتل، كما لو كانت حياة الإنسان الفلسطيني أقل أهمية من حياة باقي البشر.
إن الأرواح التي تزهق كل يوم خلال الأزمة الراهنة، والنساء والأطفال الذين يرتجفون رُعبًا تحت نيران القصف الجوي على مدار الساعة تقتضي أن تكون استجابة المجتمع الدولي على قدر فداحة الحدث.
هذا ما كانت مصر تسعى إليه بدون مواربة من هذا المؤتمر .
أأمل وأكرر وأرجو من الجميع عدم التسرع وعدم نشر الشائعات والاتهامات والسير في طريق بث الفتنة بين الدول العربية، وهو ما يخدم مصلحة اسرائيل بقصد أو بدون قصد ، فما أحوجنا للتكاتف والتعاضد في ظل حالة الحرب الحالية التي سيطال رذاذها كل الدول العربية